قوله تعالى: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاؤ من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا}
  {وَلِذِي الْقُرْبى} وما بعده وإن كان رسول الله ÷ من الفقراء، فإنه أخرجه بقوله: {وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} ولأنه يترفع عن تسميته بالفقير، هذا كلامه، وفيه إشارة إلى التخيير في الصرف بين من تقدم، وبين الفقراء من المهاجرين وغيرهم، وفيما روي عن عمر أيضا أن الحق للأمة والنظر لهم.
  وأما أهل المذهب فجعلوا اليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم في مصرف الخمس؛ لأنه قد روي عن علي بن الحسين أنه قال: «هم يتامانا، ومساكيننا، وابن سبيلنا».
  قالوا: فإن لم يوجدوا فيهم فمن المهاجرين، فإن لم يوجدوا فمن الأنصار.
  قال أبو طالب: ويجب الترتيب بين بني هاشم، وبين غيرهم.
  وقال المؤيد بالله: مسحب، واستدلوا بأن قالوا لأن في سياق الآية ما يقتضي اختصاص المهاجرين والأنصار بعد القرابة، ولأن العناية لها تأثير، وعناية المهاجرين والأنصار أكثر من غيرهم ولأن غير بني هاشم قد جعل لهم الصدقات، وأخذه من الآية خفي.
  وقال في نهاية المجتهد: اختلف الناس في مصرف الفيء وهو الذي أخذ من غير أن يوجف بخيل أو ركاب. فقال قوم: الفيء لجميع المسلمين الغني والفقير، وأن الإمام يعطي المقاتلة وسائر المصالح ولا خمس فيه، قال: وهو قول الجمهور وهو الثابت عن أبي بكر، وعمر.
  وأحد قولي الشافعي أن فيه الخمس، والباقي على رأي الإمام، وأحد أقوال الشافعي لا خمس فيه ويقسم على الأصناف الخمسة، وسبب الخلاف ما فهم من التعارض بين آية الأنفال فإنها أوجبت في جميع ما يغنم الخمس، وآية الحشر.