وقوله تعالى: {سيجعل الله بعد عسر يسرا}
  المغافير(١)، فلما دخلن عليهن قلن له ذلك، حتى دخل على عائشة فأخذت أنفها وقالت أجد منك ريح المغافير أكلتها؟ قال: «لا، بل أسقتني حفصة عسلا» وحرمه على نفسه.
  وقيل: الذي سقته العسل أم سلمة، وقيل: التحريم في شراب كان يعجبه.
  وقيل: التحريم في المرأة التي وهبت نفسها للنبي ÷ وهي أم شريك، فلم يقبلها لأجل امرأته(٢) وصحح أن التحريم بمارية؛ لأنه الذي ذكره أكثر المفسرين، ونقلة الأخبار.
  واعلم أنه يتعلق بهذه الجملة أحكام:
  الأول: أنه لا يجوز تحريم ما أحل الله، وقد ذكر ذلك الحاكم والزمخشري؛ لأن في ذلك قلب المصلحة التي جعلها الله في إباحة الحلال، وقد عاتب الله نبيه ÷ على ذلك بقوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} وقد جاء النهي على ذلك بقوله تعالى في سورة النحل: {وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ}[النحل: ١١٦] وقوله تعالى في سورة المائدة: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ}[المائدة: ٨٧] وبالتحريم لا يصير حراما، هذا حكم.
  الحكم الثاني: إذا حرم شيئا مباحا على نفسه وعصى بذلك هل تلزمه الكفارة إذا خالف وجبت أم لا؟ وهذه مسألة خلاف بين العلماء، فالذي حكاه أبو مضر للقاسم، والهادي، والمؤيد بالله أنه يمين بمعنى أن الكفارة لازمة فيه.
(١) بالغين المعجمة: واحدها مغفور، تروى بالفاء ويقال بالثاء المثلثة (معاثير) ذكره في النهاية والقاموس.
(٢) قال في حاشية على النسخة الأصلية: صوابه لأجل نسائه تمت.