تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}

صفحة 260 - الجزء 1

  من السنة؟ فقيل: إنه مأخوذ من الآية الكريمة؛ لأن الواو للترتيب، وقد روي أن رسول الله ÷ بدأ بالصفا، وقال: (أبدأ بما بدأ الله به) وروي أن رجلا سأل ابن عباس فقال: أأبدأ بالصفا أم بالمروة؟ فقال ابن عباس: خذ ذلك من القرآن، فإنه أجدر أن يحفظ، وتلا: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} وقيل: بل ذلك مأخوذ من فعله # مع قوله ÷: (خذوا عني مناسككم).

  قال الحاكم: الاستدلال بالآية ضعيف من وجهين:

  الأول: أن الواو لا توجب الترتيب.

  والثاني: أنه جمع بينهما فقال: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما}.

  الحكم الرابع: ذكره الحاكم، قال: الآية تدل على أن مشاهدة المنكر لا تمنع من فعل الواجبات، والقرب؛ لأنه تعالى جعل الطواف قربة، وإن كان هناك أصنام منصوبة. وهذا جلي إن تعذر عليه كسرها، وأما إذا تمكن فالذي يأتي على قول أهل المذهب أن القرب المفتقرة إلى النية كالصلاة، ونحو ذلك لا تصح إلا في آخر الوقت؛ لأنه مأمور بالخروج للإزالة، قالوا: إنه منهي عنها⁣(⁣١)، ولا يكون الشيء الواحد طاعة ومعصية.

  وعند أبي حنيفة، والشافعي: لا يضر ذلك، لأنه عاص من وجه، ومطيع من وجه آخر، والنهي عن الصلاة في الموضع المغصوب ونحوه ليس يختص الصلاة، قلنا: المفتقرة إلى النية احترازا من الوقوف على جمل مغصوب، وقد يقال: مما لا يصح النيابة فيه، وقد يقال: الحج لا يقاس على غيره، والطواف⁣(⁣٢) مجمع عليه، لكن أبا حنيفة، والشافعي ألحقا به غيره.


(١) في أ (فأكوانه منهي عنها).

(٢) صوابه (والوقوف) (ح / ص).