قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم}
  يحي(١) #: من سافر سفرا لمعصية لا يجوز له الميتة، وإن خشي على نفسه؛ لأنه باغ في سفره، ومذهبنا الجواز، كالمتيمم عند عدم الماء في سفر المعصية، ولأن السفر لم يتقدمه ذكر، وإنما البغي يرجع إلى المحرم، وهو الأكل، ولإجماعهم أنه يقتل الجمل الصائل عليه لدفعه عن نفسه، وإن كان باغيا في السفر، كذلك أكل الميتة.
  الفرع الثالث
  أنه لا يجوز للمضطر الشبع من الميتة؛ لأنه إذا أكل قدر ما يقيم نفسه كان غير مضطر، وهذا هو مذهبنا، وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي.
  وقال في قوله الآخر، ومالك: يجوز الشبع؛ لأن الإباحة راجعة إلى الجميع
  واختار في الانتصار: أن الحاضر لا يزيد على سد الرمق، ويجوز ذلك للمسافر؛ لأنه لا يرجو وجود غيرها.
  الفرع الرابع
  إذا خشي على نفسه الهلاك إن لم يأكل الميتة، هل يكلف بأكلها؟ ويجب عليه ذلك أم لا؟ فالذي ذكره الشيخ أبو جعفر أنه يجب عليه(٢)،
(١) أحمد بن يحي الهادي بن الحسين الحافظ بن القاسم ترجمان الدين، الحسني، الهاشمي، أبو يحي الإمام الناصر، قال السيد: نشأ على الزهادة، وتربى على العبادة، وكان سلطان الأئمة، وإمام السلاطين، ورافع منار الدين، أخذ العلم عن ابيه، عن جده، وعنه ولده يحي، وكان رجوعه من الحجاز سنة ٣٠١ هـ وفيها ادعى، وكانت وقعة بغاش سنة ٣٠٧ هـ وله مصنفات، وله مع القرامطة جهاد كثير، ولم يزل ناعشا للدين، قامعا للمعتدين حتى توفي بصعدة سنة ٣٢٥ هـ ودفن جنب أبيه، في القبة المعروفة. ¦.
(٢) وهو مفهوم كلام الإمام المهدي في مختصره، ومفهوم {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}، وفي النيسابوري (ومعنى قوله {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} رفع الحرج والضيق، كما مر في قوله =