وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}
  الفطر، واستحب الامساك لئلا يتهم بأنه متهتك، وإن لم يفطرا لزم الامساك(١).
  وقال أبو حنيفة: لا يجوز الأكل، ويلزم الإمساك أكل أم لا، كمن أصبح يوم الشك آكلا، أو مفطرا، فاستثبت أنه من رمضان، وأجيب: بأنه أفطر للجهل في يوم الشك، بخلاف ما نحن فيه، فإن مع السفر والمرض يباح الفطر ظاهرا وباطنا، وقال أبو علي بن أبي هريرة(٢) من أصحاب الشافعي: يجوز الفطر أكل أم لا؛ لأن الإباحة لا تتبعض، وقد أبيح الفطر أول النهار، فكذا آخره، وخالفه أبو إسحاق فقال بقولنا.
  وأما هل يدرك من الآية حكم في هذه المسألة؟ فلقائل أن يقول: إن الله تعالى جعل له أن يصوم في أيام أخر، مقيدا بأن يكون مريضا أو على سفر، حيث أفطر مع المرض، أو السفر؛ لأنه قد ثبت أن التقدير: فمن كان مريضا أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر، وإذا زال المرض أو السفر من غير فطر فليس ممن أبيح له أن يصوم في أيام أخر، وهذه حجة على ابن أبي هريرة.
  وأما إذا قدم المسافر، وصح المريض بعد الأكل، فقد علل ذلك بأن قيل: من أبيح له الفطر أول النهار(٣) أبيح له آخره كما لو بقي على سفره،
(١) وهو المذهب المختار. (ح / ص).
(٢) في بعض النسخ أبو علي، وابن أبي هريرة) وقد عد سهوا من الكاتب فإن أبا علي هو ابن أبي هريرة. وابن أبي هريرة هو: الحسن بن الحسين الشافعي، المعروف بابن أبي هريرة، العلامة الفقيه المحقق، المحدث، أخذ الفقه عن ابن سريج، والمروزي، وتصدر ببغداد للتدريس، وتخرج عليه خلق كثير، توفي في رجب سنة ٣٤٥ هـ.
(٣) من أبيح له الفطر أول النهار وأفطر.