وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}
  التتابع، وقد أجاب السيد جمال الدين علي بن محمد(١) لما قيل له: من أين يدرك التتابع لو قال: «فعدتها» بأن قال: لم يصرح الزمخشري بأن ذلك يلزم منه التتابع، وهو يمكن أن يقال: يدرك منه التتابع، من حيث أن عدتها فيها معنى الهيئة، فأشبه لو قال: ركبت ركبة الأمير، ولبست لبسة الوزير، فإنه يفهم المشابهة في الصفة.
  وخبر محمد بن المنكدر أنه ÷ سئل عمن يقطّع قضاء رمضان، فقال: «ذلك إليه، أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين، ألم يكن قد قضى، فالله أحق أن يعفو ويغفر» وقوله ÷: «فالله أحق أن يعفو ويغفر» دلالة على الكراهة.
  [وروي عن ابن عباس](٢) وعن أبي عبيدة بن الجراح: «أن الله تعالى لم يرخص لكم في فطره، ويريد أن يشق عليكم في قضائه، إن شئت فواتر، وإن شئت ففرق».
  وقال الناصر، والنخعي: يجب عليه التتابع، قال في شرح الإبانة للناصر: سواء فاته مجتمعا أو متفرقا، ولا يفرق إلا لعلة.
  قال في الكشاف: وعن علي، وابن عمر، والشعبي: يقضي كما فات متتابعا، وهذا رواية عن مالك، واحتجوا بما روي عن علي # وضعّفت الحكاية واحتجوا بقراءة أبي: (فعدة من أيام أخر متتابعات) قالوا: وهذه التلاوة قد نسخت وبقي حكمها، كما أن ابن مسعود كان يقرأ
(١) علي بن محمد هو: علي بن محمد بن أبي القاسم، صاحب تجريد الكشاف، ترجمته في المصابيح الجزء الأول من تحقيقنا.
(٢) في نسخة ب (روي عن ابن عباس، وعن أبي عبيدة بن الجراح ... الخ) والرواية عن ابن عباس ذكرها الحاكم، ولفظ الحاكم (واختلفوا في العدة فقيل: التتابع شرط فيه عن ك، وقيل: ليس بشرط عن ابن عباس ومعاذ، وعليه أكثر الفقهاء).