تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}

صفحة 335 - الجزء 1

  أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ}⁣[البقرة: ١٩٦] أي: فحلق فعليه فدية، وإنما قدرنا محذوفا، وذلك يحتاج إلى دليل؛ لأنه ÷ صام في سفره.

  وعن أبي الدرداء «خرجنا مع رسول الله ÷ في بعض غزواته، في حر شديد، ما فينا صائم إلا رسول الله».

  وعن أبي سعيد الخدري: «خرجنا مع رسول الله ÷ من مكة إلى حنين في اثنتي عشرة بقيت من رمضان، فصام طائفة من أصحاب النبي ÷، وأفطر الآخرون، ولم يعب» فهذا دليل على جواز الفطر.

  وأما كون الصوم أفضل، فلقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} على أحد التأويلات⁣(⁣١)، ولأنه إذا أفطر عرض الصوم للنسيان، وحوادث الزمان، وعن أنس أنه قال في السفر: إن أفطرت فرخصة، وإن صمت فهو أفضل».

  وعن عثمان بن أبي العاص أنه قال: «الصوم أحب إلي» قلنا: إلا أن يجهده السفر، فيكون الفطر أفضل؛ لأنه ورد فيه: «ليس من البر الصيام في السفر» ويكره الصوم من المريض إذا أضر به، كما يكره صوم الدهر، وأما إذا خشي الهلاك فلا يجزيه الصوم، ويكون آثما، ذكره المؤيد بالله؛ لأنه عاص، والمعصية لا تكون قربة، ولقوله تعالى في سورة النساء: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}⁣[النساء: ٢٩] وقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}⁣[البقرة: ١٩٥](⁣٢).

  وجه قول الامامية الأخذ بظاهر الآية، وهي قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وهذا أمر، وقد قرئ في الشاذ بالنصب (فعدةً) بمعنى: فليصم عدة.


(١) والتأويل الثاني (عوضا عن الفدية).

(٢) وإن لم يهلك جاء على قول الإبتداء والإنتهاء. (ح / ص).