قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون}
  و {الرَّفَثُ} الجماع، ويطلق على الفحش في القول، والمراد في الآية: الجماع، عن ابن عباس، وأكثر المفسرين، وعن الأصم: أنها كلمة جامعة لحاجات الرجال إلى نسائهم، وفي القراءة الشاذة، وهي قراءة عبد الله «الرفوث» قال الزمخشري ¥: وهو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه، كلفظ «النيك» ويعبر بالرفث عن الجماع؛ لأنه لا يكاد الجماع يخلو عن شيئ من ذلك ومن هذا يؤخذ جواز المرافثة بين الزوجين.
  وقد قيل: في قوله تعالى: {هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ} إنما وصفهن باللباس؛ لأن الرجل يسكن إليها، ويستتر بها عن الأمور التي تنفر عنها النفس، كما يستتر بلباسه عن كشف ما ينفر الطبع من كشفه، وقد ذكر بعضهم: أنه يجوز بين الزوجين أن يتشبه أحدهما لصاحبه بغير جنسه، فتشبه المرأة بالرجل، والعكس في الكلام واللباس والمشية. ولا يجوز ذلك في غير هذه الحال.
  المسألة الثانية: أنه يستحب طلب الولد، وطلب ليلة القدر، وتحريم العزل لأنه قد فسر قوله تعالى: {وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} بذلك، فعن ابن عباس، والحسن، وأنس، ومجاهد، والضحاك، وأبي علي: أنه تعالى أراد بذلك الولد، ورجحه الحاكم، أي: لا تباشروهن لقضاء الشهوة وحدها، ولكن لابتغاء ما وضع الله له النكاح من التناسل.
  وعن ابن عباس أيضا، ومعاذ «ابتغوا ليلة القدر» وأن في ذلك أمرا بالعبادة، وطلب ليلة القدر، لكن قال الزمخشري: هذا من بدع التفاسير.
  وقيل: ذلك نهي عن العزل؛ لأنه في الحرائر، وسيأتي الكلام على هذه المسألة إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ}[التكوير: ٨].
  وقيل: المراد ابتغاء الرخصة، وقيل: ابتغاء المحل الذي هو حلال، وهو القبل، دون المحرم وهو الدبر، وسيأتي الكلام على هذه أيضا إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٢٣].