تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون}

صفحة 355 - الجزء 1

  وقيل: الآية تضمن النهي عن صوم الوصال، وقد نهى عنه النبي ÷، وكان يواصل، فلما قيل له في ذلك؟ فقال ÷: «إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى» ذكر في الانتصار وجوها ثلاثة في قوله ÷: «أطعم وأسقى».

  الأول: أن ذلك من طعام الجنة وشرابها، والإفطار إنما يقع بطعام الدنيا، واختار هذا الإمام ليبقى الظاهر.

  الثاني: أن معناه: أني أعطى قوة الطاعمين الشاربين.

  الثالث: أن معناه: أن محبة الله تعالى تشغلني عن الطعام والشراب، وهذه رواية أبي داود.

  وفي الشرح: أنه لما قيل: إنك تواصل؟ فقال: «إني لست كأحدكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني».

  قال أبو طالب: الوصال المحظور أن يستتم الصيام بنيته⁣(⁣١)، وقيل:

  هو مواصل وإن لم ينو؛ لأن الأدلة لم تفرق، ولأن العلة خشية الضرر.

  قال الشافعي: النهي للتحريم؛ لأن الرسول ÷ أنكره، وقال بعض أصحاب الشافعي: للكراهة، واختاره في الانتصار؛ لأن النهي لأجل المشقة، ولو أنه واصل صح صومه.

  المسألة الثالثة:

  تتعلق بقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}.


(١) أي: يبتدأ. وقوله (قيل: هو مواصل وإن لم ينو) هذا هو الذي اختاره الإمام المهدي في مختصره.