تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون}

صفحة 356 - الجزء 1

  قد أخذ من ذلك أحكام:

  الأول: أن من طلع الفجر وهو مخالط، أو في فيه طعام، فترك الأكل وألقى الطعام من فيه، وتنحى عن الجماع، فإن صومه لا يفسد.

  هذا مذهب أهل البيت $، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وقال أبو يوسف، وزفر⁣(⁣١)، والمزني: يفسد صومه.

  وجه الأول: أن الله تعالى أباح له الأكل حتى يتبين له، وذلك غاية الإباحة، فيلزم أن يكون الترك بعد التبين، وسبب الخلاف أنا لا نعد الإخراج جماعا، وعدوه جماعا.

  قال في الانتصار: فإن جامع قبل طلوع الفجر، ثم أمنى بعد طلوعه، ففي الفساد وجهان:

  الأول: أنه لا يفسد؛ لأن الإمناء تولد عن فعل مباح، واختاره الإمام⁣(⁣٢).

  الثاني: أن ذلك يفسد لأن السبب في حكم المقارن لمسببه، وإنما يكون هذا لمن يشاهد طلوع الفجر، أما إذا أذن المؤذن، فترك الأكل، وتنحى عن الجماع، فإن ذلك يفسد؛ لأنه قد واقع بعد طلوع الفجر.

  وقال أبو حنيفة ولا كفارة إن استمر؛ لأن الصوم لم ينعقد.

  وقال الشافعي: تجب الكفارة، أما لو لبث على حاله، فسد صومه بلا لبس، وأما الحديث الذي رواه في سنن أبي داود، عن أبي هريرة عن النبي ÷: «إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي


(١) زفر هو: زفر بن الهذيل بن قيس العنبري، أبو الهذيل الحنفي، أحد الفقهاء والعباد، وقال في الطبقات: ذكره محمد بن منصور في ذكر أصحاب أبي حنيفة، وقال المنصور بالله: هو ممن قال بالعدل والتوحيد، وذكر في طبقات الحنفية، فقال: كان من أصحاب أبي حنيفة، وكان يفضله، ويقول: هو أقيس أصحابي، وقال: هو إمام من أئمة المسلمين، وقال في الميزان: صدوق، وثقه ابن معين، وغير واحد، توفي سنة ١٥٨ هـ.

(٢) يحي، وهو المختار للمذهب. (ح / ص).