قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون}
  ولهم وجهان إذا نوى في التطوع من النهار، هل يثاب على جميعه، أو من وقت النية؟
  اختار في الانتصار: أنه يثاب على اليوم كله، كما لو أدرك الإمام في آخر ركعة
  وكلام الهادي # ومن معه في استدلالهم بخبر أهل العوالي، أنه مخصص لعموم كثير من الأدلة، نحو قوله تعالى: {وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥] وقوله ÷: «الأعمال بالنيات».
  الحكم الرابع:
  إذا تسحر وهو شاك في طلوع الفجر، فإن ذلك لا يبطل صومه، لأنه غير متبين لطلوعه، وقد أبيح له الأكل ونحوه حتى يتبين، وهذا مذهبنا، وهو قول جماهير العلماء. وقال مالك: يفسد صومه، وعليه القضاء.
  ولو تبين له أن أكله كان بعد طلوع الفجر فسد صومه؛ لأن حد الإباحة متعلق بالطلوع، وهذا نص عليه القاسم، وهو قول الجمهور.
  وقال الحسن، وعطاء، وداود: لا قضاء عليه، وقالوا فيمن أكل شاكا في غروب الشمس: لا قضاء عليه.
  عن مجاهد: إن أكل قبل الغروب وهو لا يعلم، ثم علم - فعليه القضاء، وإن أكل بعد طلوع الفجر، وهو لا يعلم، ثم علم فلا قضاء عليه(١).
  إن قيل: كيف يدرك فساد الصوم إن أكل بعد طلوع الفجر، وهو لا يعلم، ثم علم؟ قلنا: نشأ الخلاف من جهة الإجمال في قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} هل أراد بالتبين، الذي يرجع إلى المخاطب، وهو العلم، أو الظن،
(١) لأن الأصل جواز الأكل في الثاني، ووجوب الإمساك في الأول. (ح / ص).