تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون}

صفحة 360 - الجزء 1

  كما هو حقيقة اللفظ، أو أراد بالتبين الشيء المتبين؛ لأن العرب تجوز، فتجعل لا حق الشيء بدل الشيئ على وجه الاستعارة، كتسمية المرض الشديد بالموت.

  فالحسن، وعطاء، وداود: حملوا على الحقيقة، وأكثر العلماء حملوا على المجاز، إن قيل: فما الموجب للعدول عن الحقيقة إلى المجاز؟.

  قلنا: أمران: - الأول: أنه ورد عنه ÷ الإشارة إلى أن الحد هو نفس الطلوع، لا التبين له، وذلك لأنه روي في البخاري أنه ÷ قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» فجعل العلة في المنع الطلوع نفسه.

  وفي صحيح مسلم، عنه ÷: «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا» قال حماد⁣(⁣١): يعني: معترضا. وفي حديث آخر: «حتى يبدو الفجر» أو قال: «حتى ينفجر الفجر» فأشار إلى ما ذكرنا.

  الأمر الثاني: القياس على سائر الحدود بالأوقات، فإنها تتعلق بنفس الوقت، كالزوال، وقد ورد في الغروب حديث أسماء بنت عميس، قالت: «أفطرنا مع رسول الله ÷ في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، فأمرنا بقضاء يوم مكانه


(١) حماد هو: حماد بن سليمان بن مسلم الأشعري، مولاهم، أبو إسماعيل الكوفي، قال في التقرير: ثقة صدوق، له أوهام من الخامسة، رمي بالإرجاء، مات سنة عشرين ومائة، أو قبلها، وهو صاحب إبراهيم النخعي، وشيخ أبي حنيفة، روى عن أنس، وابن المسيب، قال الإمام المرشد بالله: كان حمادا يفطر في كل يوم من رمضان خمسمائة إنسان، فإذا كان يوم الفطر كساهم ثوبا ثوبا، وكذا ذكر ذلك غيره ¦.