وقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}
  الفطر، وعلى وجوب الصلاة قاعدا لمن خشي على نفسه إن صلى قائما، وعلى وجوب التيمم إن خاف على نفسه الهلاك من برد الماء.
  وهذا مذهب الجلة من العلماء من أهل البيت $، وأبي حنيفة، والشافعي
  وحكي عن الحسن، وعطاء: أنه لا يجوز له أن يتيمم، وإن خشي الهلاك، وغلّطا لهذه الآية، ولخبر صاحب الشجة(١)، وهو ما رواه جابر، قال: كنا في سرية، فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فقال لأصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي ÷ أخبر بذلك، فقال: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على جرحه بخرقة ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده».
  وللخبر فوائد ذكرها يخرج عن دلالة الآية. قال الحاكم: وتدل الآية على جواز الهزيمة في الجهاد إذا خاف على النفس(٢). وستأتي مسألة الفرار.
  قال: وتدل على جواز ترك الأمر بالمعروف إذا خاف؛ لأن كل ذلك إلقاء النفس إلى التهلكة، قال: وتدل على جواز مصالحة الكفار والبغاة، إذا خاف الإمام على نفسه، أو على المسلمين، كما فعله رسول الله ÷ عام الحديبية، وكما فعله أمير المؤمنين علي # بصفين، وكما فعل الحسن # من مصالحة معاوية لعنه الله تعالى.
(١) في ب (وغلطا بهذه الآية، وبخبر صاحب الشجة).
(٢) يعني فتقيد بما فيها من الفئة ونحوها، فلا يؤخذ بظاهر ما هنا. (ح / ص).