تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله}

صفحة 402 - الجزء 1

  الحكم الثالث

  إذا أحصر بعد الوقوف عن طواف الزيارة لم يكن له أن يتحلل بالهدي، بل يبقى ممنوعا من النساء عند أصحابنا، وأصحاب أبي حنيفة.

  وقال الشافعي: له أن يتحلل. حجة الشافعي الأخذ بعموم آية الاحصار، وهي قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ولم يفرق، وعضدوا هذا بالقياس على المعتمر، فإنه إن أحصر عن الطواف بالبيت كان له أن يتحلل بالهدي، حجتنا قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ومن وقف بعرفة فقد تم حجه، لقوله ÷ «من وقف بعرفة فقد تم حجه» وفرقنا بينه وبين المعتمر بأن المعتمر لو قلنا: يبقى على إحرامه لزم الحرج، إذ لا وقت يرجى له أن يحل فيه من المحظورات كلها، ولا بعضها، بخلاف من عليه طواف الزيارة فقد حلت له المحظورات إلا النساء، فهو أخف، وصحح قاضي القضاة قول الشافعي، وادعى أنه إجماع، ودعوى الإجماع غير مطابق.

  الحكم الرابع

  أن التحلل بالهدي لمن منع عن الوقوف جائز، سواء كان الاحصار في الحل، أو في الحرم، ذكره الناصر # وهو الظاهر من أقوال الأئمة $، وحكاية الحسن بن زياد⁣(⁣١) عن أبي حنيفة: أنه لا إحصار في الحرم⁣(⁣٢).

  حجتنا: أن الآية لم تفصل، وهي قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا


(١) الحسن بن زياد هو: الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، أبو علي، قاض فقيه، من أصحاب أبي حنيفة، أخذ عنه، وسمع منه، ولي القضاء بالكوفة سنة ١٩٤ هـ وتوفي سنة ٢٠٤ هـ.

(٢) وأنه ينتظر زوال العذر، وإلا تحلل بعمرة، ولا يتحلل بشيء من المحظورات إلا بعد الطواف والسعي؛ لأنه يصح إحرامه بالحج على عمرة. (ح / ص).