تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله}

صفحة 405 - الجزء 1

  يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فنهى عن الحلق قبل بلوغ الهدي محله، قال: فدل على أنه إذا بلغ محله فعليه أن يحلق، وأجاب المخالف: بأن هذا نهي عن الحلق، فلا يستفاد منه الأمر بالحلق، والجواب واضح.

  الطريق الثاني: ذكره أبو جعفر أيضا أنه يجب الحلق؛ لأنه كان واجبا قبل الإحصار بدلالة قوله تعالى في سورة الحج: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} على ما سيأتي الكلام عليه، فلا يسقط ما وجب؛ لأن سائر المناسك إنما تسقط بالعجز، ولم يعجز عن الحلق. والظاهر من أقوال المفسرين: أن قوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} متعلق بالحصر⁣(⁣١)، ومنهم من قال: إنه كلام مستأنف لا تعلق له بالإحصار، والأول هو الظاهر.

  الحكم الثامن

  إذا كان قارنا فأحصر فله التحلل بهدي واحد، على ما حكى عن الإمام

  الناطق بالحق، وابن أبي الفوارس⁣(⁣٢)، ومالك والشافعي.

  وعن أبي حنيفة، وأبي جعفر ذكره عن أصحابنا: عليه دمان.

  حجة الأول: دخول ذلك في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ} ولأن الذبح كالإحلال وإحلال النسكين واحد قال أبو جعفر: الإحلال عن نسكين يلزم لكلّ دم.


(١) في نسخة (بالمحصر).

(٢) ابن أبي الفوارس هو: محمد بن أبي الفوارس توران شاة بن خسرو شاه، الجيلي، العلامة الفقيه، يروي المذهب وغيره عن والده، وعلي خليل، والقاضي يوسف، وعنه أحمد بن أبي الحسن الكني، إسناد المذهب، وكتب الهادي، وله مؤلفات منها: تعليق الشرح، ومنتزع شرح التجريد، وله مقالات وعناية بالمذهب.