قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله}
  الحكم التاسع
  في محل الهدي، وقد قال تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} وفيه حذف، وتقدير، أي: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فينحر؛ لأنه لا يحل قبل النحر، وهذا ظاهر المذهب.
  قال الحاكم: وقبل تفريق(١) اللحم في المساكين.
  واختلفوا في مكانه على ثلاثة أقوال: فقال زيد بن علي والناصر، وأبو حنيفة: الحرم، وقال الشافعي: يجوز في سائر الأماكن غير الحرم، إن لم يتمكن من الحرم، وإن تمكن فقولان، والذي حصّل لمذهب الهادي # أن دم إحصار الحج يختص بمنى، ودم إحصار العمرة يختص بمكة، ولا يجوز خارج الحرم مطلقا، وفي سائر الحرم يجوز للعذر، ومع عدم العذر خلاف بين المتأخرين(٢).
  إن قيل: كيف اجتناء هذه الثمرة من الآية؟ قلنا: أما كونه يتعلق بالحرم.
  جملة فقد أخذ ذلك من ثلاث جهات:
  الأولى: قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} والهدي في عرف الشرع اسم لما يهدى إلى الحرم.
  الجهة الثانية: قوله تعالى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فيكون المحل الحرم
(١) في الحاكم تفرقة، وفي الثمرات تفريق.
(٢) فظاهر اللمع وصرح به في البيان أنه لا يجزي، وهو ظاهر الأزهار، وقال المنصور بالله: يجزي، وعليه دم. (نجري)، وفي البحر (فرع) فلو نحر في الحرم لا لضرورة لم يجز). وقيل: يجزي ولا دم عليه بل يأثم. (بيان) وقوي للمذهب.
(ح / ص).