قوله تعالى: {يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}
  وجه التحريم: أن هذه الأشياء تسمى خمرا إن أثبتنا القياس في الأسماء(١)، وإن لم نثبته فهو خمر، لدليل يخصها، نحو قوله ÷ «كل مسكر خمر» و «كل مسكر حرام» وقوله ÷ «إن من العنب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن العسل خمرا، ومن الحنطة والشعير خمرا، وإني أنهاكم عن كل مسكر»(٢).
  لكن لا يكفر مستحل هذه الأشياء، التي وقع فيها الخلاف، لأنها اجتهادية.
  وتأول أبو حنيفة قوله ÷ «كل مسكر حرام» ونحوه على أن المراد ما حصل به السكر. قلنا: بل أراد الجنس، وأيضا فإن السكر حصل بالأول والآخر، كما لو قال القائل: أشبعني الرغيف، فإن الشبع حصل من جميع أجزائه، لا من آخر لقمة.
  واحتج أيضا بأن الله سبحانه امتن علينا بأن جعل لنا فيه رزقا حيث قال تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً}[النحل: ٦٧].
  وأجبنا(٣): بأنها منسوخة، أو بأنه أراد ما لا يسكر، كالعصير ونحوه، أو أنه أراد العتاب، والمعنى: خلق لكم هذه الثمرة للرزق، فعدلتم إلى جعلها مسكرا.
  قال أبو حنيفة: وإن طبخ نقيع التمر والزبيب، أدنى طبيخ حل، وسائر الأمزار تحل من غير طبخ إلا ما يسكر، حكى ذلك الحاكم، وأبو جعفر.
  وروى الحاكم جواز المثلث من عصير العنب عن أبي حنيفة، وأبي
(١) يقال: قد صار الخمر لما أسكر حقيقة شرعية، فلا قياس في اللغة هنا.
(٢) فدخل في ذلك العموم ما أسكر بأصل الخلقة كالجوزة والقريط وما أشبههما.
(٣) في ب (وجوابنا).