تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {ولأمة مؤمنة خير من مشركة}

صفحة 494 - الجزء 1

  ونكح طلحة نصرانية، ونكح حذيفة يهودية، ولكنه مكروه عندهم.

  قال في مهذب الشافعي، والانتصار، والشفاء: إنما يجوز عندهم في حق من لم تبدّل.

  حجة القول الأول: أن اسم الشرك يقع على أهل الكتاب بدليل قوله تعالى في سورة التوبة: {اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}⁣[التوبة: ٣١].

  وقال تعالى في سورة التوبة: {وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}⁣[التوبة: ٣٠](⁣١) فوصف اليهود والنصارى بالشرك، قال أهل القول الثاني: إن الشرك لا يطلق على أهل الكتاب إلا مجازا.

  ولهذا قال تعالى في سورة البقرة: {ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ}⁣[البقرة: ١٠٥] وقال في سورة البينة: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ}⁣[البينة: ١] ففصل بينهما بواو العطف⁣(⁣٢)، ثم لو سلم أن اسم الشرك ينطلق عليهم، فإن هذا معارض بآية المائدة، وهي متأخرة، وهي قوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ}⁣[المائدة: ٥].

  فعن سعيد بن جبير، وقتادة: أن قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ} عامة، وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} خاصة.


(١) في نسخة إلى قوله: {سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وهي الآية الأولى التي تقدم الإستدلال بها.

(٢) والعطف يقتضي التغاير، كما هو مقرر عن العلماء.