تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {ولأمة مؤمنة خير من مشركة}

صفحة 495 - الجزء 1

  وقال ابن عباس، والحسن، ومجاهد: إنها ناسخة لآية البقرة، وقواه القاضي، قال: لأن تأخير البيان لا يجوز عن وقت الخطاب.

  قال الأولون: لا يصح النسخ مع إمكان التأويل، وتأويل آية المائدة: أنه تعالى أراد بأهل الكتاب الذين آمنوا، فسماهم باسم ما كانوا عليه، وهذا كما قال تعالى في سورة آل عمران: {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ}⁣[آل عمران: ١١٣] وقال تعالى في سورة آل عمران: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ}⁣[آل عمران: ١٩٩].

  ووجه تخصيصهم أن كثيرا من المسلمين كانوا يعافون ذلك، ويرونه نقيصة، فبين تعالى أن ذلك مباح، أعني طعامهم ومناكحتهم، ويرشد إلى التأويل قوله تعالى في سورة الممتحنة: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ}⁣[الممتحنة: ١٠] وبين الزوجين اعتصام الرجل بالزوجية، والامرأة بالنفقة.

  وقوله تعالى في سورة النور: {الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}⁣[النور: ٢٦] وقوله تعالى في سورة النساء: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ}⁣[النساء: ٢٥] فشرط تعالى الإيمان في إباحة نكاح الحرائر والإماء، قالوا: ويرجّح تأويلنا بالقياس، وذلك أن كفر الزوجة لو طرأ على النكاح لأبطله⁣(⁣١)، فكذا مقارنته تمنع من الصحة كالرضاع.

  ويرجّح الجواز بقوله ÷ في المجوس «سنوا بهم سنة أهل الكتاب، غير آكلي ذبائحهم، ولا ناكحي نسائهم» وبفعل الصحابة.


(١) يمكن أن يقال عليه: المرتد ليس بكتابي، وأيضا فقد جعلوا للطرو حكما. (ح / ص).