تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {ولأمة مؤمنة خير من مشركة}

صفحة 496 - الجزء 1

  أما وطء الحربية التي هي وثنية بملك اليمين، فالأكثر من العلماء على تحريمه، لإطلاق النكاح عليه، وقد قال تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ} وقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ} وفي نهاية المالكي، عن طاووس، ومجاهد الجواز، لحديث سبايا أوطاس، فإنه ÷ لم يشترط إسلامهن.

  أما لو كانت الأمة كتابية، وأراد وطأها بملك اليمين لم يجز على القول الأول، كما لا يطؤها بالنكاح عندهم، واتفق أبو حنيفة، والشافعي، وسائر الفقهاء على جواز ذلك لعموم قوله تعالى في سورة النساء: {إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ}⁣[النساء: ٢٤] وللإجماع على جواز وطء المسبية غير المزوجة.

  وأما لو أراد عقد النكاح على الأمة الكتابية، فقال أبو حنيفة: يجوز ذلك قياسا على زواجه الحرة، وقياسا على جواز وطئها بالملك.

  وقال مالك، والشافعي: لا يجوز ذلك ترجيحا لدليل الخطاب⁣(⁣١) في قوله تعالى: {مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ}⁣[النساء: ٢٥] على القياس، وأيضا فإن قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ} إذا قلنا: إنه عام، فقد أخرجنا نكاح الكتابية بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ}⁣[المائدة: ٥] فبقي العموم فيما عداهن، فدخلت الإماء في تحريم العقد، وهذه المسألة خلافية بين الأصوليين، هل يبقى العام دليلا في الباقي حقيقة أو مجازا؟ وفي ذلك تفصيل، واختلاف بينهم.

  هذا هو الكلام على القراءة الظاهرة في قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ} وقري في الشاذ (وَلَا تَنْكِحُوا) برفع التاء، أي: لا ولاية لكم على تزويجهن، وهذا حكم ثان، وهو أن المسلم لا ولاية له على إنكاح


(١) وهو مفهوم الصفة في قوله تعالى {مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ}.