تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}

صفحة 500 - الجزء 1

  قيل في سبب نزولها:

  إن أبا الدحداح ثابت بن الدحداح سأل النبي ÷ فقال: كيف نصنع بالنساء الحيض؟ فنزلت.

  وروي أن الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجالسوها على فراش، ولم يساكنوها في بيت، كفعل اليهود والمجوس، فلما نزلت أخذ المسلمون بظاهر اعتزالهن، وأخرجوهن من بيوتهم، فقال ناس من الأعراب: يا رسول الله البرد شديد؟ والثياب قليلة، فإن آثرناهن بالثياب هلك سائر أهل البيت، وإن استأثرنا بهن هلكت الحيض؟ فقال ÷ «إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن، ولم يأمركم بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم

  وقيل: إن النصارى كانوا يجامعونهن، ولا يبالون بالحيض، واليهود كانوا يعتزلونهن في كل شيء، فأمر الله بالاقتصاد بين الأمرين. وقيل: كانوا يستجيزون إتيان النساء في أدبارهن في أيام الحيض، فلما سألوا عنه بين تحريمه.

  ولهذه الآية ثمرات، وهي أحكامها:

  الحكم الأول: وجوب اعتزالهن، والمراد اعتزلوا مجامعتهن في المحيض، أي: في الحيض، فهو مصدر، وهو اسم الدم المجتمع، ويطلق المحيض على موضع الحيض، كالمنبت، ويطلق على زمان الحيض، كمنيخ الناقة، والمراد بالاعتزال: عن المجامعة في الفرج، وتحريم ذلك معلوم من الدين ضرورة.

  وقال في الانتصار: فمن وطئها مستحلا كفر، وعليه يحمل قوله ÷: «من أتى امرأة وهي حائض فقد كفر بما أنزل على محمد» وإن كان غير مستحل لم يكفر، ولم يفسق؛ لأن ذلك لا يكون إلا بدليل قطعي على أنها كبيرة.