تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤ فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم}

صفحة 519 - الجزء 1

  الثالث: أنه تعالى قال: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وهذا يقتضي أن يكون الطلاق على وجه يسمع، وهو وقوعه باللفظ لا بانقضاء المدة، وقد قال الزمخشري: العازم على الطلاق لا يخلو من مقاولة، وحديث نفس، وحديث النفس لا يسمعه إلا الله تعالى، كما يسمع وسوسة الشيطان.

  الرابع: أن الفاء للتعقيب في قوله تعالى بعد أن ذكر التربص {فَإِنْ فاؤُ} وقد قال الزمخشري⁣(⁣١): ليست للتعقيب المذكور، وإنما هي لتفصيل قوله {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ} ثم فصل بقوله: {فَإِنْ فاؤُ وَإِنْ عَزَمُوا} والحنفية شبهوا مدة التربص بالعدة في الرجعي، لأنها إنما شرعت لعدم الندم.

  الحكم الخامس: إذا امتنع الزوج من الطلاق على قولنا: إنه لا يقع الطلاق بمضي المدة، ماذا يكون الحكم؟ فمذهبنا، والشافعي في القديم: أنه يحبس ولا يطلق عنه الحاكم؛ لأن الآية قد قضت بتخيير الزوج. فلو قلنا: يطلق الحاكم بطل خياره، وكما لا يطلق إذا ضارر الزوج وتمرد عن الإنفاق على قولنا.

  وقال مالك، وأحد قولي الشافعي: يطلق عنه الحاكم لدفع الضرر.

  واعلم أن مخالفة الأصل للمصلحة العامة لا يقول به أكثر الفقهاء، وهو الذي يعرف بالقياس المرسل، والمنقول عن مالك العمل به، وقد


(١) ولفظ الزمخشري (فإن قلت: كيف موقع الفاء إذا كانت الفيئة قبل انتهاء مدّة التربص؟ قلت: موقع صحيح لأن قوله {فَإِنْ فاؤُ}، {وَإِنْ عَزَمُوا} تفصيل لقوله {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ} والتفصيل يعقب المفصل، كما تقول: أنا نزيلكم هذا الشهر، فإن أحمدتكم أقمت عندكم إلى آخره، وإلا لم أقم إلا ريثما أتحوّل).