تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤ فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم}

صفحة 521 - الجزء 1

  وكذا ذكروا الخلاف في من أسلم وقد عقد بأربع، وبأربع، والتبس المتقدم، وهل هذا الطلاق رجعي، أو بائن، فمذهب عامة الأئمة، ومالك، والشافعي أنه رجعي بقاء على الأصل؛ لأن أصل الطلاق أن يكون رجعيا⁣(⁣١) إلا لدليل.

  وقال أبو حنيفة: يكون بائنا ليزول الضرار بعدم الرجعة، وهذا أيضا معارضة للمصلحة المقصودة في الطلاق في الإيلاء للأصل المعروف، وهو أن أصل الطلاق أن يكون رجعيا⁣(⁣٢).

  الحكم السادس: هل يشترط في الإيلاء أن يقصد به الضرار أم لا؟ فالمروي عن علي #، وابن عباس، والحسن: أنه لا يكون إيلاء إلا إذا قصد الضرار، وهكذا عن الناصر، والمنصور بالله، ومالك، واستدل على هذا بقوله تعالى: {فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وهذا لا يكون إلا عن ذنب، وهو قصد الضرار، لا إذا حلف لأمر لا يقصد به الضرار كخشية الغيل، والغيل: أن ترضع المرأة ولدها وهي حامل، وهو أيضا اللبن الذي ترضعه مع الحمل.

  وعن علي # في رجل أقسم لا جامع امرأته حتى تفطم ولدها خشية أن يفسد لبنها فلبث معها سنتين، فقضى علي # أن ذلك ليس بإيلاء، ولا بأس عليه.

  والمروي عن أبي حنيفة، والشافعي، وعامة الفقهاء، وحكاه في الزوائد عن القاسمية: أن حكم الإيلاء ثابت، قصد الضرار أم لا؛ لأن الآية مطلقة⁣(⁣٣).


(١) الأولى أن يكون بصفة ما كانت عليه. (ح / ص).

(٢) في ب (أن يكون رجعيا إلا لدليل).

(٣) وفي الغيث (لأن عليهن غضاضة؛ لأنهن يوصفن بأن وطئهن يحرم) (ح / ص).