تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤ فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم}

صفحة 523 - الجزء 1

  ويعلل هذا أيضا بأن الأربعة أشهر هي التي يتيقن تضرر المرأة فيها بترك الجماع، ولهذا كتب عمر إلى أمراء الأجناد، أن لا يحبسوا رجلا عن امرأته أكثر من أربعة أشهر، وكان سبب ذلك أنه كان يطوف ليلة في المدينة فسمع امرأة تقول شعرا:

  ألا طال هذا الليل وازور جانبه ... وليس إلى جنبي خليل ألاعبه

  فو الله لو لا الله لا شيء غيره ... لزعزع من هذا السرير جوانبه

  مخافة ربي والحياء يكفّني ... وإكرام بعلي أن تنال مراكبه

  فسأل عمر النساء: كم تصبر المرأة عن الزوج؟ فقلن: شهرين⁣(⁣١)، وفي الثالث يقل الصبر، وفي الرابع ينفذ الصبر، فكتب إلى أمراء الأجناد بما ذكرنا، فلهذا قلنا: إن مدة الإيلاء أربعة أشهر.

  ولا فرق بين أن يكون الزوج حرا، أو عبدا، وكذلك الزوجة، والوجه عموم الآية، واستواء العلة، التي هي حصول التضرر، وهذا قول القاسم #، والشافعي أخذا بالعموم، وهذا هو الذي حصله أبو العباس لمذهب يحي #.

  وقال زيد بن علي، والناصر، وأبو حنيفة، ورواية عن مالك: إن العبرة بالزوجة، فإذا كانت أمة فمدتها شهران، وقاسوا على تنصيف عدة الحرة عندهم، وعلى تنصيف حد العبد.

  وقال مالك أيضا: تنصف المدة إذا كان الزوج عبدا، والقياس - على الحد، وعلى تنصيف العدة، والطلاق على أصوالهم - العلة⁣(⁣٢) الرابطة فيه تحتاج إلى دليل، فلا يخص عموم القرآن بذلك، فإذا طرت⁣(⁣٣)


(١) منصوب على الظرفية.

(٢) قوله: (العلة الرابطة ... الخ) الجملة خبر عن المبتدا الذي هو والقياس على الحد ..

(٣) في ب (قبل انقضاء مدته)، وفي ب أيضا (فإذا طرأت الحرية).