تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم}

صفحة 8 - الجزء 2

  قالوا: الرجعة حق لها فيصدّقان في إبطال حقهما، والعدة حق لله تعالى فلا يصدّقان على إبطالها.

  قلنا: قد سلمتم أن الموجب للعدة الدخول، وأن العدة إنما تجب في الظاهر، وأما فيما بينها وبين الله تعالى فلا تجب، وهذا قد ذكره بعض المفرعين للمذهب، وإطلاق الهادي # والحنفية الوجوب، وإذا قلنا:

  العلة للوجوب الوطء، فيقال: لا يجب إلا أن تقرّ به؛ لأن الأصل عدمه فحصل من هذا أن الدليل على إيجاب العدة مع الخلوة خفي، ثم إنهم قالوا في التي لا تصلح للجماع: تستحب العدة؛ لأن الزوج قد استحل بالخلوة ما هو محرم على غيره، فأخذت شبها من التي تصلح. قال الأخوان: هذا الاستحباب إذا كانت ممن يشتهى مداناتها، لا كبنت السنة والسنتين.

  الحكم الثاني

  يتعلق بقوله تعالى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} واعلم أن هذا الحكم متعلق بلفظ المطلقات، وهو عام، وقد خرج من هذا العموم الحامل، فإن عدتها بالوضع؛ لأن قوله تعالى في سورة الطلاق {وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ}⁣[الطلاق: ٤] مخصص لهذا العموم.

  ويخرج من هذا العموم الآيسة للكبر، واللاتي لم تحض لصغر، فإن قوله تعالى في آية الطلاق: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}⁣[الطلاق: ٤] وهذا بيّن في من بلغت سن الأياس، وفي من لم تبلغ سن الحيض.

  ويتعلق بهذا الحكم فروع: الأول: إذا طلقت في سن لا تحيض فيه، ومضى عليها بعض الشهور ثم حاضت، فلا خلاف أنها تعتد بالحيض؛ لأنها من ذوات الأقراء، ولكن اختلف هل تحتسب ما اعتدت به من الشهور أم لا؟.