قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم}
  فالمذهب يبطل اعتدادها بالشهور، وتستأنف الحيض، وهو قول أبي حنيفة، وأحد وجهي أصحاب الشافعي، وجه قولنا: التمسك بقوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} وهذه لم تتربص إن قلنا: تحتسب بالأشهر، وأيضا فإن قوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} فلم يجعل لها الاعتداد بالشهور إلا بشرط أن لا تحيض، وهذه قد حاضت، وأحد وجهي أصحاب الشافعي تعتد به، وتبني عليه.
  الفرع الثاني
  إذا بلغت سنا يأتي فيه الحيض ولم تحض، ثم طلقت، فهل هي داخلة في ذوات الأقراء تتربص؟ أو داخلة في {اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} فتعتد بالأشهر؟ فخرج أبو العباس للهادي #، وهو قول الكرخي: أنها تتربص، ولا تعتد بالأشهر؛ لأنها تشبه من انقطع حيضها لعارض.
  وقال المؤيد بالله، وأكثر الفقهاء: إن عدتها بالأشهر، وإنها ليست من ذوات الأقراء، بل هي من {اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}، قالوا: ولأن العبرة بحال المرأة لا بالزمان، بدليل أنها لو حاضت في سن لا يعتاد النساء بالحيض فيه، فإنها من ذوات الأقراء، اعتبارا بحالها لا بالزمان، إذ لو اعتبر بالزمان اعتدت بالأشهر، فإن وضعت ولم تر دما(١)، فقال الاسفراييني: هي من {اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}، فتعتد بالأشهر، وأحد وجهي أصحاب الشافعي تعتد بالحيض؛ لأنه لا يجوز أن تكون من أولات الأحمال، ولا تكون من ذوات الأقراء(٢).
(١) أي: دم حيض، قال في شرح الفتح: هو منطوق الأزهار، ومفهوم الأثمار، وصرح به في البحر. وفي حاشية أخرى (فلو رأت دم النفاس أيضا فلا حكم له؛ إذ ليس بحيض فتدخل تحت قوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}.
(٢) هذا علة من يقول بالأشهر.