وقوله تعالى: {لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك}
  مذهبنا، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ} فجاء بالألف واللام، وهما للاستغراق، فعم كل وارث، وفي ذلك خلاف مالك، والشافعي أن النفقة لا تجب لما عدا الآباء والأبناء.
  وقال أبو حنيفة في نفقة الأقارب: يشترط مع الفقر أن يكون المنفق عليه ذا رحم محرم، أو صغيرا أو أنثى، أو عاجزا عن التكسب، لأنها وجبت لدفع الضرر.
  فإن قيل: قوله تعالى: {وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ} إن قلتم: إنه عام لزم أن تنفق الزوجة على زوجها، والمعتق على العتيق؟ قلنا: خرج ذلك بالإجماع.
  فإن قيل: إن أبا حنيفة قال في معسر له خال وابن عم موسران: إن النفقة على الخال، وليس هو بوارث، وإن الوارث الموسر لا يأخذ إلا بعض المال، حيث معه معسر في درجته، وقد صححتم أن النفقة جميعها عليه(١)، خلاف قول المنتخب.
  قلنا: أما نحن فنقول: ليس المعتبر تحقيق الإرث، فإن من الجائز موت المنفق قبل المنفق عليه، وإنما المعتبر أن يكون هو في الحال وارثا لو مات المعسر.
  فإن قيل: إذا عللتم بهذا لزم أن تستوي النفقة على الموسرين، وإن اختلف ميراثهم، قلنا: النفقة على قدر الإرث، إلا أن يحصل معنى المضارة؛ لأنها وجبت للمواساة، ودفع المضارة.
  ولو قلنا: إن الموسر لا ينفق إلا بقدر إرثه، فحاجة المواساة، ودفع المضارة وجهه باق.
(١) وهذا هو المذهب.