وقوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين}
  والثاني: وصححه في المهذب، وهو قول الأكثر: أن ذلك يرجع إلى اجتهاد الحاكم. قال الحاكم: وفي هذا دلالة على جواز الاجتهاد في الأحكام الشرعية، لأنه تعالى قال: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} ثم قال: {بِالْمَعْرُوفِ} واختلفوا بعد ذلك هل يقدر بحال الزوج، أو بحالها؟ قيل: بحاله، لقوله تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} وهذا قول أبي حنيفة، وأحد وجهي أصحاب الشافعي، وأحد الوجهين بحالها، كالمهر.
  ومنهم من قال: يعتبر بحالهما جميعا، وهو اختيار قاضي القضاة، لقوله تعالى: {بِالْمَعْرُوفِ} لأنه ليس من المعروف أن يسوى بين الشريفة والوضيعة، وقد أشار القاضي شمس الدين إلى هذا؛ لأنه قال: تجب كسوة مثلها من مثله.
  وقد اختلفوا في التقدير، فقال الناصر، وأبو حنيفة: درع وملحفة، وخمار، قيل: من الأراذل دون الجيدة، وقال الشافعي: المستحب أن تمتع بخادم، أو مقنعة، لأن ذلك مروي عن ابن عباس، أو ثلاثين درهما، لأن ذلك مروي عن ابن عمر، هكذا في المهذب. وعن الشافعي: أعلاها خادم، وأوسطها ثوب، وأدناها خاتم، قال أصحاب أبي حنيفة: لا تزاد المتعة على نصف مهر المثل، ولا تنقص عن خمسة دراهم، لأنها نصف أقل المهر، وقد ذكر في الانتصار: أنها لا تزاد على نصف مهر المثل، قال الثعلبي: لا اعتبار لهذا؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يعتبر بحال المرأة، وقد قال تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ}.
  قال في الكشاف: طلق رجل من الأنصار امرأة قبل أن يمسها، فقال النبي ÷: أمتعها، قال: لم يكن عندي شيء، قال: متعها [ولو](١) بقلنسوتك.
(١) ما بين القوسين ثابت في بعض النسخ.