وقوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير}
  وأحد قولي الشافعي: لا يجب بذلك كمال المهر، وروي ذلك عن ابن عباس، وشريح، وجعلوا المسيس عبارة عن الوطء.
  وأهل القول الأول احتجوا بقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ}[النساء: ٢٠ - ٢١] قالوا: والإفضاء: الخلوة، وسيأتي زيادة إن شاء الله تعالى عند ذكر هذه الآية، وهذا إذا فرض حال العقد، فإن كان الفرض بعده، ثم طلق قبل الدخول، فاختلف في ذلك، فتحصيل الأخوين للمذهب، وهو قول مالك، والشافعي، وصححه أبو جعفر للناصر: أنه كالمفروض في حال العقد، فيجب لها نصفه؛ لأن ذلك داخل في قوله تعالى: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} فهذه فريضة حاصلة قبل الطلاق(١).
  قال أبو حنيفة، ومحمد، ورواية عن أبي يوسف، وأشار إليه أبو العباس: إن المفروض بعد العقد لا يستقر إلا بالدخول، أو الموت لضعفه، فتجب هنا المتعة، ويعتلون أيضا بأنه يلحق العقد، وبالطلاق قد بطل العقد(٢)، فلو فرض حال العقد، ثم زيد زيادة كانت كالمفروض في العقد، فيجب نصف الجميع بالطلاق قبل الدخول، وعند أبي حنيفة، ومحمد، وأبي العباس: إنما تكمل بالدخول، أو الموت، أما بالطلاق فلا يجب إلا نصف الأصل دون الزيادة.
  وقال الناصر، والشافعي، وزفر: الزيادة هبة، إن قبضت ملكت،
(١) وهذا هو المختار للمذهب.
(٢) ولا يقال: يلزمهم أن يبطل المقارن ببطلان العقد؛ لأنها قد ملكت المقارن عند الجميع، ولهذا صح التصرف فيه، بخلاف المتأخر، فلا يستقر عندهم إلا بالدخول أو الموت، فافترقا، والله أعلم (ح / ص).