وقوله تعالى: {فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث}
  لعثمان: ليس الأخوان أخوة في لسان قومك، فقال عثمان: إني لا أستطيع أن أنقض أمرا كان قبلى وتوارثه الناس، ومضى في الأمصار(١).
  فإن قيل: لم عدل من لفظ الجمع إلى التثنية، وهلا كان الأمر كما قال ابن عباس فما الذي أوجب مخالفة الظاهر؟ قلنا: في ذلك وجهان(٢):
  الأول: أن الآية أفادت حجب الثلاثة ولم تنف حجب الإثنين، فحجبا بالاثنين اتباعا لحكم الثلاثة بالإثنين، كما وجدنا ذلك في صور كثيرة كفرض البنتين والأختين والأخوة لأم.
  الوجه الآخر: أن معنى الأخوة يفيد معنى الجمعية المطلقة بغير كمية، ففي ذلك جمع مطلق، وأيضا لفظ الجمع يطلق على الإثنين، قال الله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما}[التحريم: ٤](٣) وأنشد الأخفش:
  لما أتتنا المرأتان بالخبر ... فقلن إن الأمر فينا قد شهر
  فحملنا على هذا المعنى لاحتماله له؛ لأنه قول الأكثر وهو مروي عن علي #، ومن حكم المسألة أنه لا فرق في الأخوة بين أن يكونوا لأبوين أو لأحدهما؛ لأن اللفظ مطلق(٤) على ذلك.
  قال الحاكم: وهو مجمع عليه وفي (شرح الإبانة) عن الصادق، والإمامية، وقول خفي للناصر: أن أولاد الأم لا يحجبون وكذلك الأخوات، وعند زيد بن علي لا تحجب الأخوات على انفرادهن حتى يكون معهن أخ.
  عن ابن عباس: إنما يجحب ثلاثة أخوة، أو ست أخوات، قيل: وقد أجمع(٥) التابعون على خلافه، وإنما قلنا: يحجب أولاد الأم؛ لأن
(١) الطبري (٣/ ٦٢٠ خبر ٨٧٣٤).
(٢) الكشاف (١/ ٥٨٠)، تفسير الخازن (١/ ٣٤٩ - ٣٥٠)، القرطبي (٥/ ٧٢ - ٧٣).
(٣) قد ذكر وجهه في قوله تعالى: {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} في المائدة.
(٤) في (ب): ينطلق.
(٥) في (أ): اجتمع.