تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما}

صفحة 431 - الجزء 2

  وقيل: كان الرجل يسلم من قومه وهم مشركون، فيغزوهم من جيش المسلمين فيقتل الرجل فيمن يقتل، فنزلت الآية.

  عن عطاء⁣(⁣١): وقيل: نزلت في أبي الدرداء وذلك أنه كان في سرية فعدل إلى شعب لحاجة له، فوجد رجلا في غنيمة له فحمل عليه بالسيف، فقال: لا إله إلا الله، فبدر بضربه، ثم جاء بغنمه إلى قومه فوجد في نفسه شيئا، فذكر ذلك للرسول # فقال: «ألا شققت عن قلبه، وقد أخبرك بلسانه ولم تصدقه»، فنزلت الآية، عن ابن زيد⁣(⁣٢).

  المعنى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً}، في معنى ذلك أقوال للمفسرين:

  الأول: ذكره جار الله أي: ما صح له وما لاق مثل: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ} ثم قال: {إِلَّا خَطَأً} أي: إلا حال خطائه، أو إلا قتلا خطأ⁣(⁣٣).

  القول الثاني: أن إلا عاطفة، وليس باستثناء بل هي بمعنى الواو، والتقدير: وما كان له أن يقتل عمدا ولا خطأ، ونظيره قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي: ولا الذين ظلموا⁣(⁣٤)، وقال الشاعر:

  ما بالمدينة دار غير واحدة ... دار الخليفة إلا دار مروانا


(١) التهذيب (خ).

(٢) الطبري (٤/ ٢٠٦)، زاد المسير (٥/ ١٩١)، ابن كثير (١/ ٨٤٥)، الخازن (١/ ٤٠٩).

(٣) الكشاف (١/ ٥٥٢).

(٤) فيما ذكر نظر؛ لأن قوله: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} ليست إلا بمعنى الواو، بل على أنها للاستثناء، كأنه قال: إلا الذين ظلموا، وهم كفار قريش فبقيت لهم الحجة، وهو أنهم قالوا: صلى محمد إلى الكعبة التي هي متعبدنا، هكذا ذكر الزمخشري هذا المعنى. (ح / ص).