تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما}

صفحة 438 - الجزء 2

  قال الأولون: يحمل هذا المطلق على المقيد بالخطأ، والآثار مختلفة، ففي الحديث عنه ÷: «خمس لا كفارة فيهن: الشرك بالله، والعقوق بالوالدين، وقتل النفس بغير حق، والبهت على المؤمن، واليمين الفاجرة»⁣(⁣١)، فهذا يدل على سقوطها في العمد.

  وخبر وائلة بن الأسقع قال: أتينا النبي ÷ في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل، فقال ÷: «اعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا له من النار»⁣(⁣٢).

  أجاب الأولون أن ذلك على طريق الندب، والتقرب إلى الله بالعتق لا بكونها كفارة، إذ لو كانت كفارة لقيدها بالإيمان.

  وأما ما يتعلق بالرقبة فقد قيدها الله بالإيمان، فيدخل في اسم الرقبة الذكر والأنثى، والخنثى.

  وهل يشترط بلوغها أم لا؟ اختلفوا في ذلك، فالمروي عن ابن عباس، والحسن، والشعبي، والنخعي، وقتادة: أن البلوغ شرط، وهذا ظاهر المذهب، ذكره في (الشرح)؛ لأن الإيمان الحقيقي إنما يكون في البالغ.

  وقال عطاء: يجزئ الصغير.

  قال في (التهذيب): وهو قول جماعة من الفقهاء، وهكذا اختاره الإمام يحيى بن حمزة؛ لأن لها حكم الإيمان، وهذا ظاهر كلام


(١) أخرجه المتقي الهندي في منتخبه (٦/ ٤٣٦)، وعزاه لأحمد. يقال: التعلق بظاهر الحديث ساقط من حيث أنه لم يأمر بالعتق؛ لأنه لا يعتق إلا القاتل، ومع ذلك لا حجية فيه. (ح / ص).

(٢) أخرجه أبو داود في سننه (ح / ٣٩٦٤)، والطبراني في الكبير والهندي في منتخبه (٤/ ١٩٤)، والبيهقي في السنن الكبرى وأحمد في المسند، وغيرهم.