تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما}

صفحة 440 - الجزء 2

  وهل يجزي عتق المدبر في كفارة القتل؟ أما مع إعساره فيجوز؛ لأنها رقبة مؤمنة يجوز له بيعها للحاجة، وأما مع يساره فجوزه القاضي زيد مع الكراهة⁣(⁣١)، لأن الملك باق لمولاه، ومنعه أبو طالب؛ لأنه قد تعلق برقبته حق للعبد، وكان ذلك نقصا.

  وأما (أبو حنيفة) فهو يمنع من بيعه فلا يجوز عتقه في الكفارة، كما قلنا في أم الولد.

  تتمة لهذا الحكم

  وهو أنه إذا تملك من يعتق عليه للرحامة ونوى بذلك عتقه عن الكفارة فإنه لا يجزيه عندنا و (الشافعي)؛ والوجه أن الله تعالى قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} وهذا لم يحررها، بل عتق بغير إعتاقه؛ ولأنه عتق بسبب متقدم فأشبه ما لو اعتق أم الولد. وقال (أبو حنيفة، وصاحباه): يجزيه ذلك.

  الحكم الثالث

  يتعلق بقوله تعالى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} دل ذلك على لزوم الدية للورثة؛ لأنهم المراد بالأهل، وعلى صحة عفو الورثة وأترابهم.

  قال جار الله |: لأنها كالميراث، يعني سائر تركات الميت في كل شيء فيقضى منها الدين، وتنفذ الوصية، فإن لم يكن وارث فلبيت المال⁣(⁣٢).

  وفي الحديث عنه ÷: «أنا وارث من لا وارث له»⁣(⁣٣).


(١) وهو المذهب.

(٢) الكشاف (١/ ٥٥٣).

(٣) احتج به الزمخشري في الكشاف (١/ ٥٥٣).