تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {مسلمة إلى أهله}

صفحة 442 - الجزء 2

  الحكم الرابع

  يتعلق بقوله تعالى: {فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} يعني إذا كان المقتول مؤمنا، وهو من أهل الحرب ولم يعلم بإيمانه فقتل، ففي قتله الكفارة دون الدية، وهذا مروي عن ابن عباس، والحسن وقتادة، والسدي، وإبراهيم⁣(⁣١).

  قال ابن زيد: لا تؤدى الدية إليهم؛ لأنهم يتقوون بها.

  واعلم. أن سقوط الدية لمن هذه حاله أخذا من إيجاب الله تعالى على قاتله الكفارة، ولم يذكر الدية، كما ذكرها في أول الآية وآخرها، وهذا القول حكاه في الشرحين: شرح القاضي زيد، و (شرح الإبانة) عن (أبي حنيفة).

  وقال الناصر، والشافعي: تجب الدية إن قتله خطأ مع الكفارة، وإن قتله عمدا وجب القود؛ أخذا بعموم قوله تعالى أول الآية: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً} وهذا مؤمن، ولخبر خالد بن الوليد في قتله لقوم من خثعم، وقد اعتصموا بالسجود، فجعل النبي ÷ نصف الدية.

  ويجب القود في العمد بقوله ÷: «في العمد القود»، والذي خرّجه أبو طالب للهادي، وهو مروي عن مالك: أنه لا قود لأنها دار إباحة، وتجب الدية في الخطأ مع الكفارة، وقد قال في (الثعلبي) في حديث عياش وقتله للحارث أنه كان فيه الكفارة دون الدية، وقد حكي أنه قتله بظهر قباء، فكأن العلة ليست دار الحرب، بل عدم العلم بإسلامه، مع كونه من أعداء المسلمين.

  ولو قتل مسلم مسلما في دار الحرب، نحو أن يكونا تاجرين أو أسيرين، فقد حكى في (شرح الإبانة) عن الناصر، والشافعي: أن ذلك


(١) ابن كثير (١/ ٩٤٦).