قوله تعالى: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله}
  طلب علم، أو حج، أو جهاد، أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة، أو قناعة وزهدا [في الدنيا] أو ابتغاء رزق طيب، فهي هجرة إلى الله [ورسوله]، فأدركه الموت {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ (عَلَى اللهِ}(١).
  وفي كلام جار الله عند كلامه على هذه الآية: اللهمّ، إن كنت تعلم أن هجرتي إليك لم تكن إلا للفرار بديني فاجعلها سببا في خاتمة الخير، ودرك المرجو من فضلك والمبتغى من رحمتك، وصل جواري لك بعكوفي عند بيتك بجوارك في دار كرامتك، يا واسع المغفرة(٢).
  وكلام جار الله | بناه على أنه يستحب للإنسان أن يدعو الله بصالح عمله، وقد ذكر في البخاري ومسلم حديث الثلاثة الذين دخلوا الغار وانسد عليهم بصخرة، وصوبهم رسول الله، وقد دعا كل واحد منهم بصالح عمله وانفرجت عنهم الصخرة(٣).
  قال النووي: وقد يقال في هذا ترك الافتقار(٤) إلى الله تعالى.
  وقد اقتضت الآية الكريمة لزوم الهجرة، ولو ببذل مال كالحج، وفي حديث الذي حمل من مكة على سرير، وقد قال: احملوني فإني لست من المستضعفين، إشارة إلى أنها تجب الهجرة إذا تمكن من الركوب ولو
(١) ما بين () ساقط في (أ). ولفظ الكشاف (وقالوا: كل هجرة لغرض ديني - من طلب علم، أو حج، أو جهاد، أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة أو قناعة وزهدا في الدنيا، أو ابتغاء رزق طيب - فهي هجرة إلى الله ورسوله. وإن أدركه الموت في طريقه، فأجره واقع على الله.
(٢) الكشاف (١/ ٥٥٧) بلفظه.
(٣) قد تقدمت هذه القصة في قوله: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا} في أول آل عمران.
(٤) الافتقار المطلق، ومطلوب الدعاء الافتقار، لكن ذكر النبي هذا الحديث ثناء عليهم، فهو دليل على تصويبه ÷ فعلهم. (من الأذكار) (ح / ص).