قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا}
  وعن الشعبي: «من أتم الصلاة في السفر فقد رغب عن ملة إبراهيم».
  وروي أن عثمان أتم الصلاة بمنى، فأنكر عليه عبد الله بن مسعود، وقال: صليت خلف رسول الله ركعتين، وخلف أبي بكر ركعتين، وخلف عمر ركعتين، ثم تفرقت بكم الطرق، وددت أن لي من هذه الأربع ركعتين منفصلتين، فاعتذر عثمان بضرب من الأعذار، منها: أنه قد تأهل، وقيل: أتم لأن مذهبه أن القصر لمن لم يكن له زاد ولا راحلة، وهو مذهب سعد بن أبي وقاص، فيكون قولنا: قصرت الصلاة مجازا؛ لأنها تامة إذا نقص من الأربع(١)، ويقولون: هذه الأخبار تعارض ما يفهم من معقولية التسهيل(٢).
  ومتعلق أهل القول الثالث والرابع: الجمع بين الروايات، وسائر الوجوه التي تعلق بها أهل القولين الأولين، فكان واجبا مخيرا، ومن قال: إنه سنة فلأن المشهور عنه # القصر في الأسفار.
  الحكم الثالث:
  في حد السفر الذي يقصر فيه؛ لأن الله تعالى لم يبين قدره، بل علق بالضرب في الأرض وهو السفر، فظاهرها كل سفر، فأخذ داود وأصحابه بهذا؛ لإطلاق اسم السفر على القليل والكثير، وأيضا تعلقوا بقوله تعالى في سورة البقرة: {وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، فأباح الله تعالى الفطر في كل سفر، وما أبيح فيه الفطر قصرت فيه الصلاة إجماعا.
  وقال أكثر العلماء: دون البريد خارج بالإجماع، وقد انقرض خلاف
(١) وفي نسخة (إذ لا نقص من الأربع)
(٢) من قوله لا جناح.