تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا}

صفحة 472 - الجزء 2

  داود لأن المعنى المعقول من السفر ما يلحق معه المشقة غالبا، وذلك لا يحصل في القليل، ولما روى أنس أنه ÷ كان لا يقصر إذا سافر إلى قباء.

  واختلف عامة العلماء من الصحابة، والأئمة، والفقهاء في مقدار السفر الذي تقصر فيه الصلاة على أقوال:

  الأول: قول القاسم، والهادي، وأحمد بن عيسى، وهو رواية عن الباقر والصادق، وإليه ذهب المنصور بالله: إن ذلك بريد؛ لأنه يطلق عليه اسم السفر الذي يلحق معها المشقة غالبا، وذلك هو المعقول من المعنى في السفر، ولقوله ÷: «لا تسافر المرأة بريدا إلا ومعها زوج أو ذو محرم» فعلق الحكم ببريد، وإذا ثبت ذلك في سفر المرأة تعلق بالقصر والإفطار، إذ لا أحد يفصل بينهما، ولأن النبي ÷ كان يقصر في خروجه من مكة إلى عرفات، وذلك أربعة فراسخ، لكن يقال: إنه ÷ كان سفره من المدينة، ولهذا قصر في مكة⁣(⁣١).


(١) لا يرد هذا الإشكال الذي أورده المصنف |، لأن جميع من معه في عرفات قصروا الصلاة، ومعلوم أن بعضهم من أهل مكة، ولم يقل لهم ÷ (أتموا) كما كان يقول في مكة (أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر) فدل هذا على أن مسافة القصر هي من مكة إلى عرفات، وهي تقارب الثمانية عشر كيلو مترا. ويدل على هذا ما ذكره أبو داود في سننه فقال: باب القصر لأهل مكة، حدثنا النفيلي، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق، قال: حدثني حارثة بن وهب الخزاعي، وكانت أمه تحت عمر، فولدت له عبد الله بن عمر، قال: صليت مع رسول الله ÷ بمنى والناس أكثر ما كانوا، فصلى بنا ركعتين في حجة الوداع، قال أبو داود: حارثة من خزاعة، ودارهم بمكة، حارثة بن وهب، أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه. وقد أخرج هذا الحديث مسلم في صحيحه، ولفظه في مسلم حدثنا يحي بن يحي، وقتيبة بن سعيد، قال يحي: أخبرنا إسحاق عن حارثة بن وهب، قال: صليت مع رسول الله بمنى ... وأكثر ركعتين) (ح / ص).