تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}

صفحة 329 - الجزء 3

  لهما، احتمل أن لا يجوز، كما لو كانوا جماعة، واحتمل أن يجوز، وهو المختار؛ لأن فرض الجهاد إنما يجب على الجماعة دون الأفراد.

  وقال أبو طالب: وكذا القول في قتال أهل البغي: إنه لا يجوز الفرار.

  تكملة لهذه الجملة

  وهي أن يقال: قد ثبت في الآية أن الفرار لغير الأمرين من الكبائر.

  وقد روي عن ابن عباس «أن الفرار من الزحف من أكبر الكبائر» حكاه في الكشاف.

  وهذا جلي فيمن فر يوم بدر، فما حكم من فر بعد يوم بدر إلى وقتنا - هل يقطع بفسقه؟ وتكون الدلالة عليه قاطعة؟ أو يقال: التفسيق لا يكون إلا بدليل قاطع؟

  جواب ذلك: أنه إن فر غير متحرف، ولم يكن ذلك لخشية هلاك، ولا كان عدد الكفار زائدا على مثلي عدد المسلمين، وكان فراره إلى غير المجاهدين، فالدلالة قائمة بفسقه، وإن اختل أحد ما ذكرنا بأن يخشى الهلاك دون النكاية، أو كان العدد من الكفار أكثر من مثلي عدد المسلمين، فقد صارت المسألة خلافية، فلا يقطع بفسقه.

  قال الإمام # في الانتصار: ومن فر ثم مات ولم يتب، فرأي الزيدية وجماهير المعتزلة أنه يقطع بعذابه، ورأي المرجئة، وهو محكي عن الشافعي: أنه لا يقطع بعذابه، وهذه المسألة من مسائل علم الكلام، وشرحها في كتبه.

  قوله تعالى: {وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى}⁣[الأنفال: ١٧]

  قيل: أراد بذلك ما فعله ÷ يوم بدر، وذلك أن قريشا لما طلعت