قوله تعالى: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله}
  وقوله تعالى: {بِغَيْرِ حِسابٍ} قيل: لا يحاسبون عليه، وقيل: بغير مكيال ولا ميزان، بل يغرف لهم غرفا وهو عبارة عن الكثرة.
  قال في الكشاف: وعن النبي ÷: «ينصب الله الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلايا فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان ويصب عليهم الأجر صبا» قال تعالى: {إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ} حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلايا من الفضل، فتكون ثمرتها الترغيب في الصبر.
  وقيل: أراد الصبر على الطاعة وعن المعصية، وقيل: على البلايا.
  قوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ}[الزمر: ١٧ - ١٨]
  قال جار الله: من الوقفة من يقف على {عِبادِ} ويبتدي بقوله: {الَّذِينَ}.
  اعلم أن في تفسير هذه الآية أقوال:
  الأول: أنه أراد بالقول القرآن، والأحسن الناسخ، فيتبعوه دون المنسوخ.
  الثاني: أنه أراد ما يخيرون فيه نحو القصاص، والعفو لقوله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى} وكذلك الانتصار والإغضاء والإبداء الصدقة، والأخفاء لقوله تعالى: {وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٧١].