مجلس في الحكايات
  على الصبر واليقين والعدل والجهاد، والصبر منها على أربع شعب: على الشوق والشفق والزهد والترقب، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا تهاون في المصيبات، ومن ترقب الموت سارع في الخيرات. واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين، فمن تبصر الفطنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين، والعدل على أربع شعب: على غائص الفهم، وغمرة العلم، وزهرة الحكم وروضة الحلم، فمن فهم قبس جميل العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم عاش في الناس ولم يفرط أمره، والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه، ومن شنئ الفاسقين غضب للّه، ومن غضب للّه غضب اللّه له. فقام الرجل فقبل رأسه، فقال: [المتقارب]
  أحبب حبيبك يوما ما ... عسى أن يكون بغيضك يوما ما
  وابغض بغيضك يوما ما ... عسى أن يكون حبيبك يوما ما
  ٤٠٣ - وبه: قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي بقراءتي عليه. قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد بجرجرايا. قال سمعت عبد اللّه بن سهل يقول: سمعت يحيى بن معاذ يقول: من استفتح أبواب المعاش بغير مفاتيح الأقدار وكل إلى المخلوقين.
  ٤٠٤ - وبه: قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر بن محمد العسكري نزيل البصرة قراءة عليه في جامع بني حرام. قال: حدّثنا أبو أحمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري. قال: أخبرنا علي بن الحسين الصابوني. قال: حدّثنا الحسن بن أبي عثمان الأرمي عن أبيه (ح) قال السيد: وأخبرنا عبد العزيز القاضي. قال:
  أخبرنا أبو أحمد. قال: وحدّثنا أبو زيد التميمي الحنظلي، عن أبيه - وكان راوية الجاحظ وإليه أوصى - قال أخبرني الجاحظ. قال: سمعت أبا سعيد عبد الكريم بن روح العقدي. قال: سمع الشجري يقول: سأل رجل عمرو بن عبيد فقال ما البلاغة؟ قال: ما بلغ بك الجنة وعدل بك عن النار، وبصرك مواقع رشدك وعواقب غيك. قال السائل:
  ليس هذا أريد؟ فقال عمرو: من لم يحسن أن يسكت لم يحسن أن يسمع، ومن لم يخش الاستماع لم يخش القول. قال: ليس هذا أريد؟ قال عمرو: قال رسول اللّه ÷: «إنا معشر الأنبياء نكره اللسن»، وكانوا يكرهون أن يزيد منطق الإنسان على عقله، قال السائل: ليس هذا أريد؟ قال عمرو: وكانوا يخافون من فتنة القول ومن سقاطة