الحديث السابع في فضل أهل البيت $ كافة وما يتصل بذلك
  رسول اللّه ÷ ويرد $، حتى رأيت الضرير الذي يطوف في البلد ويذكر ويقول كذا وكذا - وعادت ما يقول في كل ليلة - قد دخل فسلم على النبي ÷ فأعرض عنه، وعاوده فأعرض عنه وعاوده ثالثة فأعرض عنه، فقال الرجل الواقف: يا رسول اللّه رجل من أمتك ضرير يحفظ القرآن يسلم عليك فلم حرمته الرد عليه؟ فقال يا أبا الحسن: هذا يلعنك ويلعن ولدك منذ ثلاثين سنة، فالتفت الرجل الواقف فقال يا قنبر: فإذا أنا برجل قد بدر، فقال اصفعه، فصفعه صفعة فخر على وجهه، ثم انتبهت فلم أسمع له صوتا، وهذا هو الوقت الذي جرت عادته فيه بالصياح والطواف والتذكير، قال أبو الفرج فقلت أيها الأمير فننفذ من يعرف خبره، فأنفذنا في الحال رسولا قاصدا ليخبر أمره، فجاءنا يعرفنا أن امرأته ذكرت أنه عرض له في هذه الليلة حكاك شديد في قفاه فمنعه من التطواف والتذكير، فقلت لأبي علي المستأمن: أيها الأمير هذه آية ونحب أن نشاهدها، فركبنا وقد بقيت من الليل بقية يسيرة وجئنا إلى دار الضرير فوجدناه نائما على وجهه يخور، فسألنا زوجته عن حاله، فقالت:
  انتبه وحك هذا الموضع - وأشارت إلى قفاه - وكان قد ظهر فيه مثل العدسة وقد اتسعت الآن وانتفخت وتشققت وهو الآن على ما تشاهدون يخور ولا بفعل فانصرفنا وتركناه، فلما أصبحنا توفي وأكب أهل صور على تشييع جنازته وتعظيمه.
  قال أبو الفرج: واتفق أني وردت إلى باب عضد الدولة بالموصل في سنة ثمان وستين وثلاثمائة لزمت دار خازنة أبي نصر خرشيد بن ديار بن مافنه، وكان يجتمع فيها في كل يوم خلق كثير من طبقات الناس، فحدثت بهذه الحكاية جماعة في دار أبي نصر منهم القاضي أبو علي التنوخي وأبو القاسم الحسين بن محمد الجناني وأبا إسحاق النصيبي وابن طرخان وغيرهم، فكلهم رد علي واستبعد ما حكيته على أشنع وجه، غير القاضي أبي علي فإنه جوز أن تكون هذه الحكاية صحيحة، وشيدها وحكى في معناها ما يقاربها، ثم مضت على هذه مدة يسيرة فحضرت دار أبي نصر على العادة واتفق حضور أكثر الجماعة، فلما استقر في المجلس سلم علي فتى شاب لم أعرفه فاستثبته، فقال أنا ابن أبي القاسم بن أبان قاضي صور، فبدأت فأقسمت عليه باللّه يمينا مكررة مؤكدة وبأيمان كثيرة مغلظة محرجة إلا صدق فيما أسأله عنه، فقال نعم، عندي أنك تريد أن تسألني عن المنام والضرير المذكور وميتته الطريفة، فقلت نعم هو ذاك، فبدأهم وحدثهم بمثل ما حدثتهم به، فعجبوا من ذلك واستطرفوه.
  ٧٣٢ - وبه: قال: أنشدنا أبو نصر أحمد بن مسرور المقري ببغداد، قال:
  أنشدني أبو محمد الحسن بن محمد المعروف بالساري صاحب أبي عبد اللّه المرزباني، قال أنشدنا والدي لنفسه: [الكامل]
  لن يبلغوا مدح النبيّ وآله ... قوم إذا ما بالمدائح فاهوا