الأمالي الكبرى (الخميسية)،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

الحديث الثامن في فضل الحسين بن علي @ ذكر مصرعه وسائر أخباره وما يتصل بذلك

صفحة 250 - الجزء 1

  بالقدوم، قال: وقال عبيد اللّه لوجوه أهل الكوفة: ما بال هاني بن عروة لم يأتني فيمن أتاني، قال: فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس منهم، فأتوه وهو على باب داره، فقالوا له: إن الأمير قد ذكر استبطاءك فانطلق إليه، فلم يزالوا به حتى ركب معهم، فدخل على عبيد اللّه وعنده شريح القاضي، فلما نظر إليه قال لشريح: أتتك بخائن رجلاه؛ فلما سلم عليه قال له يا هانئ: أين مسلم؟ قال: لا أدري، فأمر عبيد اللّه صاحب الدراهم فخرج إليه، فلما رآه قطع به، قال: أصلح اللّه الأمير، واللّه ما دعوته إلى منزلي ولكنه جاء فطرح نفسه علي، قال: ائتني به، فقال: واللّه لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه، قال: أدنوه إلي، فأدنى فضربه بالقضيب فشجه على حاجبيه، وأهوى هانئ إلى سيف شرطي ليسله فدفع عن ذلك وقال له: قد أحل اللّه دمك، فأمر به فحبس في جانب القصر، وخرج الخبر إلى مذحج فإذا على باب القصر جلبة سمعها عبيد اللّه بن زياد، فقال ما هذا؟ فقالوا: مذحج، فقال لشريح: أخرج إليهم فأعلمهم أني إنما حبسته لأسائله، وبعث عينا عليه من مواليه يسمع ما يقول، فمرّ شريح بهاني، فقال هاني يا شريح: اتق اللّه فإنه قاتلي، فخرج شريح حتى قام على باب القصر، فقال: لا بأس عليه إنما حبسه الأمير ليسأله، فقالوا: صدق ليس على صاحبكم بأس، فتفرقوا، وأتى مسلما الخبر، فنادى بشعاره فاجتمع إليه أربعة آلاف من أهل الكوفة، فقدم مقدمة وهي ميمنة وميسرة وسار في القلب إلى عبيد اللّه، وبعث عبيد اللّه إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر، فلما سار إليه مسلم فانتهى إلى باب القصر أشرفوا عليه من فوقه على عشائرهم، فجعلوا يكلمونهم ويردونهم، فجعلوا أصحاب مسلم يتسللون حتى أمسى في خمسمائة، فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضا، فلما رأى مسلم أنه قد بقي وحده تردد في الطرق، فأتى بابا فنزل عليه فخرجت إليه امرأة، فقال: لها اسقيني ماء فسقته ثم مكث ما شاء اللّه، ثم خرجت فإذا هو على الباب، قالت: يا عبد اللّه إن مجلسك مجلس ريبة فقم، فقال لها: أنا مسلم بن عقيل فهل عندك مأوى؟ قالت نعم، أدخل، وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث، فلما علم به الغلام انطلق إلى محمد فأخبره، فانطلق محمد إلى عبيد اللّه فأخبره، فبعث عبيد اللّه عمرو بن حريث المخزومي صاحب شرطة إليه ومعه محمد فلم يعلم مسلم حتى أحيط بالدار، فلما رأى ذلك مسلم خرج بسيفه فقاتلهم، فأعطاه محمد الأمان فأمكن من يده، فجاء به إلى عبيد اللّه بن زياد، فأمر به فأصعد إلى أعلى القصر فضرب عنقه، وألقى جثته إلى الناس وأمر بهاني فسحب إلى الكناسة فصلب هناك، وقال شاعرهم: [الطويل]

  فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ بالسوق وابن عقيل

  أصابهما أمر الإمام فأصبحا ... أحاديث من يسعى بكل سبيل

  أتركب أسماء الهماليج آمنا ... وقد طلبته مذحج بقتيل