الأمالي الكبرى (الخميسية)،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

الحديث الثامن في فضل الحسين بن علي @ ذكر مصرعه وسائر أخباره وما يتصل بذلك

صفحة 251 - الجزء 1

  وأقبل الحسين # بكتاب مسلم كان إليه، حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر بن يزيد التميمي، فقال له: أين تريد؟ قال: أريد هذا المصر، قال:

  ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيرا أرجوه، فهم أن يرجع، وكان معه إخوة مسلم بن عقيل، قال: واللّه لا نرجع حتى يصيب بثأرنا أو يقتل، فقال: لا خير في الحياة بعدكم، فسار فلقيه أول خبل عبيد اللّه بن زياد، فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء فأسند طهره إلى قصب أو خلاف لا يقاتل إلا من وجه واحد، فنزل وضرب أبنيته، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسا ونحوا من مائة رجل.

  وكان عمر بن سعد بن أبي وقاص قد ولاه عبيد اللّه بن زياد الري وعهد إليه عهدا، فقال: اكفني هذا الرجل، فقال: اعفني، فأبى أن يعفيه، قال: فانظرني الليلة فأخره، فنظر في أمره، فلما أصبح غدا عليه راضيا بما أمر به، فتوجه عمر بن سعد إلى الحسين بن علي @، فلما أتاه قال له الحسين: اختر واحدة من ثلاث: إما أن تدعوني فألحق بالثغور، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، فقبل ذلك عمر بن سعد، فكتب إلى عبيد اللّه بن زياد بذلك، فكتب إليه عبيد اللّه: لا ولا كرامة حتى يضع يده في يدي، فقال الحسين بن علي @:

  لا واللّه لا يكون ذلك أبدا، فقاتله فقتل أصحابه كلهم وفيهم بضعة عشر شابا من أهل بيته ونحى سهم، فيقع بابن له صغير في حجره فجعل يمسح الدم عنه ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قومنا، دعونا لينصرونا ثم يقتلونا، ثم دعا بسراويل حبره فشقه ثم لبسه، ثم خرج بسيفه فقاتل حتى قتل #، فقتله رجل من مذحج، وحز رأسه وانطلق به إلى عبيد اللّه لعنه اللّه فقال: [الرجز]

  أوقر ركابي فضة وذهبا ... فقد قتلت الملك المحجبا

  قتلت خير الناس أما وأبا ... وخيرهم إن ينسبون نسبا

  فوفد هو إلى يزيد بن معاوية لعنهم اللّه تعالى ومعه الرأس، فوضع بين يديه وعنده أبو برزة الأسلمي، فجعل يزيد ينكث بالقضيب على فيه ويقول: [الطويل]

  نفلق هاما من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

  فقال له أبو برزة: ارفع قضيبك فو اللّه لربما رأيت رسول اللّه ÷ على فيه يلثمه، وسرح عمر بن سعد بحرمه وعياله إلى عبيد اللّه ولم يكن بقي من أهل بيت الحسين # إلا غلام كان مريضا مع النساء، فأمر به عبيد اللّه ليقتل فطرحت زينب بنت علي # نفسها عليه، وقالت: لا يقتل حتى تقتلوني فرق له فتركه وكف عنه ثم جهزهم وحملهم إلى يزيد، فلما قدموا عليه جمع من كان بحضرته من أهل الشام ثم أدخلوا عليه، فهنئوه بالفتح، فقام رجل منهم أزرق أحمر، فنظر إلى