الحديث التاسع في التوبة وما يتصل بذلك
  قال رسول اللّه ÷: «إن اللّه يقبل توبة عبده ما لم يغرغر»(١).
  ٨٩٧ - وبه: قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن ريذة قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، قال: حدّثنا أبو يزيد القراطيسي، قال: حدّثنا أسد بن موسى، قال: حدّثنا الوليد بن مسلم، قال: حدّثنا معاذ بن رفاعة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة: أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول اللّه ÷، فقال: يا رسول اللّه: أدع اللّه أن يرزقني مالا، قال: ويحك يا ثعلبة، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، ثم رجع إليه فقال يا رسول اللّه: أدع اللّه أن يرزقني مالا، قال ويحك يا ثعلبة، أما تريد أن تكون مثل رسول اللّه ÷، واللّه لئن سألت اللّه أن يسيل لي الجبال ذهبا وفضة لسالت، ثم رجع إليه فقال يا رسول اللّه: أدع اللّه أن يرزقني مالا، واللّه لئن آتاني اللّه مالا لأوتين كل ذي حق حقه، فقال رسول اللّه ÷: اللهم ارزق ثعلبة مالا، اللهم ارزق ثعلبة مالا، اللهم ارزق ثعلبة مالا.
  قال: فاتخذ غنما فنمت كما تنمو الدود حتى ضاقت عنه أزقة المدينة فتنحى بها. فكان يشهد الصلاة مع رسول اللّه ÷ ثم يخرج إليها، ثم نمت حتى تعذرت عليه مراعي المدينة، فتنحى بها فكان يشهد الجمعة مع رسول اللّه ÷ ثم يخرج إليها، ثم نمت فتنحى بها فترك الجمعة والجماعات، فيتلقى الركبان فيقول: ما ذا عندكم من الخبر، وما كان من أمر النامي. وأنزل اللّه تعالى على رسوله ÷: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» قال: فاستعمل رسول اللّه ÷ على الصدقات رجلين رجلا من الأنصار ورجلا من بني سليم، وكتب لهما سنة الصدقة وأسنانها، وأمرهما أن يصدقا الناس وأن يمرا بثعلبة فيأخذان منه صدقة ماله، ففعلا حتى دخلا إلى ثعلبة فأقرءاه كتاب رسول اللّه ÷، فقال: صدقا الناس فإذا فرغتما فمرا بي ففعلا، فقال: واللّه ما هذه إلا أخية الجزية، فانطلقا حتى لحقا رسول اللّه ÷، وأنزل اللّه تعالى على رسوله ÷:
  «{وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} إلى قوله: {يَكْذِبُونَ}[التوبة: ٧٥ - ٧٧]».
  قال: فركب رجل من الأنصار قريب لثعلبة راحلته. فقال: ويحك يا ثعلبة هلكت، أنزل اللّه فيك القرآن كذا، فأقبل ثعلبة وقد وضع التراب على رأسه وهو يبكي ويقول: يا رسول اللّه، فلم يقبل منه رسول اللّه ÷ صدقة حتى قبض اللّه تعالى رسول اللّه ÷، ثم أتى أبا بكر بعد رسول اللّه ÷، فقال يا أبا بكر: قد عرفت موقفي من قومي ومكاني من رسول اللّه صلّى اللّه عليه
(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ١٣٢ و ١٥٣)، والترمذي (٣٥٣١)، وابن ماجة (٤٢٥٣)، وابن حبان في الإحسان (٢٤٤٩).