الأمالي الكبرى (الخميسية)،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

الحديث التاسع في التوبة وما يتصل بذلك

صفحة 265 - الجزء 1

  السلام، فأرسل رسول اللّه ÷ عينيه فبكى، ثم قال: وعلى عيسى السلام ما دامت الدنيا وعليك يا هامة السلام بأدائك الأمانة. فقلت يا نبي اللّه: افعل بي ما فعل بي موسى بن عمران، إنه علمني من التوراة، قال: فعلمه النبي ÷ {إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ١}⁣[الواقعة: ١]، {وَالْمُرْسَلاتِ}⁣[المرسلات: ١]. و {عَمَّ يَتَساءَلُونَ ١}⁣[النبأ: ١]، و {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ١}⁣[التكوير: ١] والمعوذتين، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}⁣[الإخلاص: ١]، وقال يا هامة: ارفع إلينا حاجتك ولا تدع زيارتنا، قال عمر بن الخطاب: فقبض النبي ÷ ولم يلقه ولم ينعه إلينا أحد، فلا أدري أحي هو أم ميت⁣(⁣١).

  ٩٠٧ - وبه: قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد اللّه بن محمد، قال: حدّثني خالي أبو عبد الرحمن، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن حمزة الثقفي، قال:

  حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأصفهاني، قال: حدّثنا يحيى بن خالد عمن سمع جريرا عن الضحاك عن ابن عباس قال: بات الخلائق على ثلاثة أصناف وكذلك هم في الموقف على ثلاثة أصناف، وأصبحت الخلائق على ثلاثة، والناس ثلاثة والعبيد ثلاثة، وإنما الدنيا ثلاثة أيام. فأما الأصناف الذين باتوا: فصنف باتوا نياما، وصنف باتوا قياما يصلون، وصنف السبيل يقطعون ليس لهم همة إلا شيء به يسترون، فأما إن لم تكن من المصلين فإياك أن تكون من السارقين، وأصبحوا على ثلاثة أصناف: صنف من الذنب تائب موطن نفسه على هجران ذنبه لا يرجع إلى سيئة، فهذا التائب المبرز، وصنف يذنب ويندم ويذنب ويحزن ويبكي، وهو يشتهي أن يكون تائبا فهذا يرجو له ويخاف عليه، وصنف يذنب ولا يندم ويذنب ولا يتوب ويذنب ولا يبكي فهو الخائن البائر.

  وكذلك هم في الموقف على ثلاثة أصناف: صنف أخذ بهم إلى الجنة ركبانا، وهم الوفد الذين ذكروا اللّه ø، وصنف أخذ بهم إلى الجنة مشاة، وصنف من هذه الأمة أخذ بهم إلى النار على وجوههم صما وبكما، والناس ثلاثة زاهد وصابر وراغب: فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والأفراح من صدره على متاع هذه الغرور، فهذا لا يحزن على شيء من هذه الدنيا فاته، ولا يبالي على يسر أصبح أم على عسر ولا يفرح على شيء من الدنيا أتاه، فهذا المبرز على هذه الأمة، وأما الصابر: فهو رجل يشتهي الدنيا بقلبه ويتمناها لنفسه، فإذا ظفر بشيء منها ألجم نفسه منها كراهية شأنها وسوء عاقبتها، فلو تطلع على ما في نفسه لعجبت من نزاهته وعفته وصبره وكرمه. وأما الراغب: فإنه لا يبالي من أين جاءته الدنيا من محرمها لا يبالي ما دنس منها عرضه أو ذهاب مروءته أو جرح دينه أو وضع حسبه، فهم في غرة يضطربون وهم أنتن من أن يذكروا لا يصلح إلا أن يسكن بهم الأسود.


(١) موضوع وأمارات الوضع ظاهرة عليه.