الحديث العاشر في الصلاة وفضل التهجد وما يتصل بذلك
  أبا ذر: ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة، قلت يا رسول اللّه: كم النبيون؟ قال: مائة ألف وعشرون نبيا، قلت: كم المرسلون؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جم الغفير، قلت: من كان أول الأنبياء؟ قال: آدم، قلت وكان من الأنبياء مرسلا؟ قال نعم، خلقه اللّه بيده ونفخ فيه من روحه، ثم قال يا أبا ذر: أربعة من الأنبياء سريانون: آدم وشيث وخنوخ وهو إدريس النبي ÷، وهو أول من خط بالقلم، ونوح صلّى اللّه عليه.
  وأربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيكم صلّى اللّه عليهم، فأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد، وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وبينهما ألف نبي.
  قلت: يا نبي اللّه: كم أنزل اللّه من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل اللّه على شيث خمسين صحيفة سريانية، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، قلت يا رسول اللّه: فما كانت صحف إبراهيم؟
  قال كانت أمثالا كلها، أيها الملك المبتلي المغرور إني لم أبعثك إلى الدنيا لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها وإن كانت من كافر. وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه ويتفكر فيما صنع اللّه فيها إليه، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال، فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات واستجمام القلوب وتقريعا لها.
  وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، فإن من حسب كلامه من عمله، أقل من الكلام فيما لا يعنيه. وعلى العاقل أن يكون طالعا طالبا لثلاث: مئونة لمعاش، وتزودا لمعاد، وتلذذا في غير محرم.
  قلت يا رسول اللّه: فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرا كلها، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، ولمن أيقن بالنار كيف يضحك ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها، ولمن أيقن بالقدر ثم ينصب، ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل.
  قلت يا رسول اللّه: هل في الدنيا مما أنزل اللّه عليك مما كان في صحف إبراهيم وموسى @؟ قال نعم يا أبا ذر، اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ١٤ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ١٥}[الأعلى: ١٤، ١٥] إلى آخر السورة، قلت يا رسول اللّه أوصني، قال: أوصيك بتقوى اللّه فإنه زين لأمرك كله، قلت: زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر اللّه كثيرا، فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض، قلت زدني، قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلوب، ويذهب بنور الوجه، قلت: زدني، قال: عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشياطين، وعون لك على أمر دنياك، قلت زدني، قال: قل الحق وإن كان مرا، قلت:
  زدني، قال: لا تخف في اللّه لومة لائم، قلت: زدني، قال: لتحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك، ولا تحد عليهم فيما تأتي.