[الحديث الخامس والثلاثون] في ذكر الشيب والعمر ولطف الله تعالى بالمعمر وما يتصل بذلك
  العنزي، قال: حدّثني أبو مسلم محمد بن موسى الأشعري، قال: حدّثنا عليل بن عدي الكوني، وعداده في بني أبي ربيعة من بني شيبان، قال: حدّثني أبي عن أبيه قال: كنا ثلاثة إخوة، وكان أبي خلف لنا إبلا وخيرا كثيرا، فقسمناه، فما زلت أنفق مالي وأفرقه في النوائب والحقوق حتى لم يبق إلا ثلاثون ناقة، قال: فلما كان ذات يوم قالت له ابنة له يقال لها صيدا، وكانت من أجمل النساء يا أبت أتلفت مالك وذهبت به فلم يبق إلا ثلاثون ناقة، فأين تقع من أهلك ونوائبك؟ قال: فلما كان من الليل سهر لقولها وأنشد: [الطويل]
  فكيف ينام الليل من جل ماله ... ثلاثون فيها أهله والنوائب
  فإن أنا لم أكسب شياب حلوبة ... وصيدا فارتمت عظامي الثعالب
  قال والشياب: ابنه، والصيداء: ابنته، فسمعت ابنته هذا البيت، فحسبت أنه يخرج للطلب وما تدري ما يكون منه، فصارت إلى أحد عميها فلم تصادفه في المنزل، فنزلت عند ابنته، وجاء العم فقال لابنته: من عندك؟ قالت: صيداء، قال: لا تخافي يا بنية قفي مكانك وأمر بالإحسان إليها، وصار - يعني العم إلى أخيه، فقال له: ما جاء بك؟ قال:
  هذه صيداء في البيت فعظم على العم لصيانتهم لها، وقال: ما جاء بها؟ فقص عليه القصة، فقال له: يا أخي: هذه مائة ناقة قد بذلتها من مالي بأعبدها فمر بمثلها، فأمر لها بمثلها وافرا فصار إليها، فقال: يا بنية: قد أقر اللّه عينك بأبيك، فانطلقي بهذه إليه وقولي له: قال: فجاءت تسوق بها، فقال: ما هذا؟ فأخبرته الخبر، فأقام وسكت.
  ٢٧١٩ - وبه: قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكرياء بن حيوية الخراز، قال: أخبرنا أبو محمد عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن محمد الشكري، قال:
  حدّثنا أبو محمد عبد اللّه بن أبي سعد الوراق، قال: حدّثني عبد الوهاب بن عبد الملك بن يزيد الفارسي، قال: حدّثني أبو بشر الجمحي، قال: خرج الفرزدق يريد الشام يزور بني أمية، وبات بامرأة من الغوث بن أدد من طي فوقر في مسامعها من كلام الفرزدق ما لم تسمع مثله، قال: فقالت: أين تريد؟ قال: أريد الشام لبعض ما كنت أزور له بني أمية، قالت: فهل لك أن تقصر خطوتك وتصيب حاجتك؟ قال:
  أنا إذا كالمطمور بأرضه، فما ذاك؟ قالت: هاهنا ساع من سعاة العرب إن أتيته أغناك، قال: وما عسيت أن يصنع بي ساع من سعاة العرب؟ فقالت: أدنى ذلك أن تصيب وصلة إلى حاجتك، قال: فوقع الكلام بموافقة أبي فراس، فغدا عليه وهو يصدف على الماء فانتسب إليه وتعرف إليه، فقال: اجلس، فلما فرغ أعطاه مائة وعشرين برعاتها، قال: فأقبل يودعه، فقال له: أقم فلأعطينك جميع ما أحتنى: قال: