[الحديث الأربعون] في ذكر المحشر وهوله وذكر الجنة والنار وما يتصل بذلك
  عجلان عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جده: أن عليا # شيع جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها وبكوا، فقال: ما يبكون؟ أما واللّه لو عاينوا ما عاين ميتهم لأذهلتهم معاينتهم عن ميتهم، وإن له فيهم لعودة ثم عودة حتى لا يبقى منهم أحد، ثم قام فقال: أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه الذي ضرب لكم الأمثال، ووقت لكم الآجال، وجعل لكم أسماعا تعي ما عناها، وأبصارا تنجى عن غشاها.
  ٢٩٩٨ - وبه: قال السيد: أظنه تتجافى واللّه أعلم وأفئدة تفهم ما دهاها، في تركيب صورها وما أعمرها، فإن اللّه ø لم يخلقكم عبثا، ولم يضرب عنكم الذكر صفحا، بل أكرمكم بالنعم السوابغ، وأردفكم بالرفد الروافد، وأحاط بكم الإحصاء، وأرصد لكم الجزاء في السراء والضراء، فاتقوا اللّه عباد اللّه وجدوا في الطلب، وبادروا بالعمل مقطع النهمات، وهادم اللذات، فإن الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا يؤمن فجائعها، غرور خاتل، وسنح قافل، وسناء مائل، يمضي مستطرقها، ويروى مسترديا بإنفاد شهواتها وحتل بضرعها. اتعظوا عباد اللّه بالعبر، واعتبروا بالأثر، وازدجروا بالنذر، وانفعوا بالمواعظ، فكأن قد علقتكم مخاليب المنية، وضمنتم بيت التراب، ودهمتكم مقطعات الأمور بنفخة الصور، وبعثرت القبور، وسياقة المحشر، وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبار، كل نفس معها سائق وشهيد، سائق يسوقها لمحشرها، وشهيد يشهد عليها بعملها، وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون، فارتجت لذلك اليوم البلاد، ونادى المنادي، وكان يوم التلاق، وكشف عن ساق، وكسفت الشمس وحشرت الوحوش، وكان مواطن الحشر، وبدت الأسرار، وهتكت الأستار، وارتجت الأفئدة، ونزل بأهل النار من اللّه سطوة حميحة، وعقوبة مسيحة، وبرزت الجحيم لها كلب ولجب، وقصيف ورعد، وتغيظ ووعيد، وتأجج جحيمها، وغلى حميمها، وتوقد سمومها، ولا ينفس خالدها، ولا يستقال عثراتها، ولا تنقطع حسراتها، ولا تنفصم كبواتها، معهم ملائكة يبشرونهم بنزل من حميم، وتصلية جحيم، فهم من اللّه محجوبون، ولأوليائه مفارقون، وإلى النار منطلقون، حتى إذا أتوا أبواب جهنم تستجير باللّه منها ومما قرب إليها من قول وعمل، قالوا: {فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}[الشعراء: ١٠٠ - ١٠١] إلى قوله: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ٢٤}[الصافات: ٢٤] وجهنم ترميهم بشرر كالقصر، وتناديهم وهي مشرفة عليهم: إلي يا أهلي، وعزة ربي لأنتقمن اليوم من أعدائه، قال: ثم يأتيهم ملك من الزبانية معه سلسلة من نار وعمود من نار، فيجمع الأمة من الأمم فيطعن بهم أكتافهم حتى يخرج من صدورهم، ثم يدخل السلسلة إلى مكان النقب، حتى إذا جمعهم جميعا ولى بهم ظهره ثم ينثرهم نثرة - صوابه ينترهم بالتاء - لا يبقى عضو من أعضائهم إلا انفصل كل عضو من أعضائهم عن موضعه، ثم يسحبهم حتى يلقيهم في النار على