[الحديث الأربعون] في ذكر المحشر وهوله وذكر الجنة والنار وما يتصل بذلك
  وجوههم، ويقول: «ذوقوا مس سقر». عباد اللّه، اتقوا اللّه تقية من كنع فخنع(١) وأوجل فوجل، وحذر فأبصر، ووعظ فازدجر، فاحتث طلبا، ونجا هربا، وقدم للمعاد، واستظهر بالزاد وكفى باللّه منتقما ونصيرا، وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما، وكفي بالجنة ثوابا، وكفى بالنار عقابا ووبالا، وأستغفر اللّه لي ولكم.
  ٢٩٩٩ - وبه: قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد الحسناباذي بقراءتي عليه، قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حبان إملاء، قال: قرأت على أحمد بن جعفر الجمال، قال: حدّثنا سهل بن إبراهيم الحنظلي، قال:
  حدّثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز عن معتمد بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس، عن النبي ÷ قال: «مرّ عيسى ابن مريم # على مدينة خربة فأعجبه الشأن، فقال يا رب: مرّ هذه القرية أن تجيبني، قال: فأوحى اللّه تعالى إليها أيتها المدينة الخربة جوبي عيسى، فنادت المدينة عيسى حبيبي ما تريد مني؟
  قال: ما فعل أشجارك؟ وما فعل أنهارك؟ وما فعل قصورك؟ وأين سكانك؟ قالت:
  حبيبي، جاء وعد ربك الحق، فيبست أشجاري، ويبست أنهاري، وخربت قصوري، ومات سكاني، قال: فأين أموالهم؟ قالت: جمعوها من الحلال والحرام، فهي موضوعة في، للّه ميراث السماوات والأرض، قال: فنادى عيسى ابن مريم # تعجبت من ثلاث: طالب الدنيا والموت يطلبه، وباني القصور والقبر منزله، ومن يضحك ملء فيه والنار أمامه، ابن آدم: لا بالكثير تشبع، ولا بالقليل تقنع، تجمع مالك لمن لا يحمدك، وتقدم على رب لا يعذرك، إنما أنت عبد بطنك وشهوتك، وإنما تملأ بطنك إذا دخلت قبرك، وحيث ترى مالك في ميراث غيرك».
  ٣٠٠٠ - وبه: قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن علي بن محمد المؤدب المكفوف بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حبان، قال: حدّثنا الحسن بن محمد التاجر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عبد الوهاب، قال: حدّثنا المفضل بن غسان، قال: حدّثني أبي، قال: صعد علي بن أبي طالب # المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال عباد اللّه: الموت شيء ليس منه فوت، إن أقمتم أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، الموت معقود بنواصيكم، فالنجا النجا، الوحا الوحا(٢)، فإن وراءكم طالب حثيث، احذروا ضغطة القبر وظلمته وضيقه، ألا وإن القبر حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة، ألا وإنه يتكلم في اليوم ثلاث مرات فيقول: أنا بيت الظلمة، وأنا بيت الوحشة، وأنا بيت الدود، ألا وإن ما وراء ذلك اليوم أشد من ذلك اليوم، يوم يشيب فيه الصغير، ويهرم فيه الكبير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى
(١) الكنوع: هو الدنو من الذل والخضوع، يقال: كنع يكنع: إذا قارب الذل. اه نهاية.
(٢) السرعة السرعة، ويمد ويقصر، توجيت توجيا: إذا أسرعت وانتصابه على الإعراب. تمت نهاية.