[الحديث الأربعون] في ذكر المحشر وهوله وذكر الجنة والنار وما يتصل بذلك
  الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللّه شديد، ألا وإن ما وراء ذلك أشد من ذلك، اليوم، نار حرها شديد، وقعرها عميق، وحبلها حديد، ليس للّه فيها رحمة، قال:
  فبكى المسلمون حوله بكاء شديدا، فقال: ألا ومن وراء ذلك اليوم رحمة وجنة عرضها السماوات والأرض أعدها اللّه للمتقين، أجارنا اللّه وإياكم من العذاب الأليم.
  ٣٠٠١ - وبه: قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الواحد بن الحسين بن شيطا المقري بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن سويد، قال: حدّثنا أبو القاسم بن جعفر الكوكبي، قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد الختلي، سمعت رجلا من البكائين النواحين يقول: وا موتاه وليس من الموت منجى، كأني بالموت قد غاداني ومسى، وكأني عن قليل لا أزار ولا أوتى، وكأني عن قليل أودع الدين والدنيا، وكأني أتخذ القبر بيتا، واللحد متكأ، وكأني عن قليل أوسد بلبنة وأستر بأخرى، وكأني عن قليل أجاور أهل البلى، وكأني عن قليل أجاور قوما جفاة، وا غفلتاه وا هولاه، أي الأهوال أتذكر؟ وأيها أنسى؟ لو لم يكن الموت وغصصه، وما بعد الموت أعظم وأدهى إسرافيل لو قد نادى فأسمع النداء فأزعجني غدا من ضيق لحدي وحيدا منفردا متغير اللون شاخصا بصري مقلدا عملي، قد ألجمني عرقي وتبرأ الخليقة مني، نعم، وأمي وأبي، نعم ومن كان له كدي وسعيي، فبقيت في ظلم القيامة متحيرا، فمن تقبل نداي؟ ومن يؤمن روعتي؟ ومن يطلق لساني إذا غشيني في النور، ثم ساءلتني عما أنت أعلم به مني؟ فإن قلت: لم أفعل، قلت: ألم أكن شاهدا أرى، وإن قلت: فأين المهرب من عدلك، فمن عدلك من يجيرني ومن عذابك من ينجيني؟ يا ذخري وذخيرتي، ويا موضع بثي وشكواي، من لي غيرك إن دعوت غيرك لم يجبني، وإن سألت غيرك لم يعطني، فرضاك قبل لقاك ورضاك قبل نزول النار، يا لها فظاعة ليلة بتها بين أهلي قد استوحشوا لمكاني عندهم، وقد كانوا قبل ذلك يأنسون بقربي، خمدت فما أجبت داعيا ولا باكيا يبكون ميتا بين أظهرهم مسجى، فما كان همهم حين أصبحوا إلا غاسلا، نزعوا خاتمي، وجردوا عني ثياب ووضوئي لغير صلاة، حتى إذا فرغوا قال: جفوه وقربوا أكفانا فأدرجوني وأنا سطيح على أعواد المنايا إلى عسكر الموتى، مروا بي على الناس، فكم من ناظر متفكر؟ وآخر عن ذلك لاه، بكى أهلي وأيقنوا أنها غيبتي لا يرجون لقاي، نادوا باسمي فاسمعوا من حولي ولم يسمعوني، ولقد عظم الذي إليه يحملوني، نزل قبري ثلاثة كأنهم بذحل يطلبوني، فدليت في أضيق مضجع، وصار الرأس تحته الثرى وبه وسدوني، فيا رب ارحم عثرتي وآنس وحشتي، وبرد مضجعي، ونور في القبور قبري.
  في الحكايات
  ٣٠٠٢ - وبه: قال السيد ¦: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي بقراءتي عليه، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد